بدء المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي أولى فعالياته الثقافية بمؤتمره الأول “ألوان من الحضارة القبطية” والذى عقد يوم السبت 6 فبراير 2010م، بالقاعة المؤتمرات الرئيسية بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي.
بدأ المهندس “أخنوخ فانوس” كلمة الترحيب والافتتاح لأول مؤتمر يُقام بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، حيث أشار إلى أن المركز سيعمل على نشر تراثنا القبطي محليًا وعالميًا من خلال مكتبة مارمرقس العامة الجاري تجهيزها حاليًا على أحدث طراز للتقنيات المعلوماتية، ومن خلال اللقاءات والبرامج الثقافية التي تُعقد في قاعة المؤتمرات، ومن خلال ورش العمل والبرامج التدريبية.
فإن الهدف من إقامة المركز الثقافي القبطي هو الحفاظ على تراثنا القبطي الثمين، وتهيئة المناخ الملائم لمحبيه من الدارسين والمثقفين وكافة فئات الشعب القبطي داخل مصر وخارجها، لينهلوا من شتى ينابيع الحضارة القبطية، هذا إلى جانب إثراء مجتمعنا بموروثنا الحضاري القبطي من عقيدة وطقس ولغة وتاريخ وأدب وموسيقى وفن وعمارة وآثار.
المتحدثون في المؤتمر
د/ صموئيل معوض الباحث بجامعة مونستر بألمانيا.
د/ ماجد صبحي- أمين وحدة البحث والنشر بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي.
د/ ماري كوبيليان- المدرس المساعد بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان.
د/ يوحنا نسيم- الباحث بالجامعة الكاثوليكية باستراليا.
تحدث عدد من الباحثين حول العديد من الموضوعات المتعلقة بأشكال الحضارة القبطية
فلسفة كتابة التاريخ عند الأقباط
بدأت فعاليات المؤتمر بمحاضرة “فلسفة كتابة التاريخ عند الأقباط” للدكتور”صموئيل القس قزمان معوض” الباحث بجامعة مونستر بألمانيا
حيث تحدث دكتور “صموئيل” عن فلسفة الأقباط الآوائل في تدوين تاريخ الكنيسة، وأهم المصادر التاريخية التي أعتمد عليها الأقباط سواء من سير الشهداء أو سير آباء الرهبنة (أنطونيوس، باخوميوس، مكاريوس، شنودة،….) وتاريخ المجامع باللغة القبطية، وأيضاً كتب لساويرس بن المقفع، وكتاب التواريخ في القرن 13 حيث كان العصر الذهبي للأدب القبطي، وأبو صالح أبو المكارم حيث تاريخ الكنائس والأديرة.
أنهى الدكتور صموئيل كلمته مؤكدًا على أن هذا التاريخ محتاج إلى دراسات أكثر وأكبر، وأن تنشر النصوص وتتاح المصادر لكل الناس وليس فقط لمن يستطيع الوصول إلى المخطوطات، وإن تاريخ الكنيسة القبطية تاريخ رائع نستطيع من خلاله أن نفهم الكثير عن شخصياتنا التاريخية وعن إيماننا.
ألوان من الترجمة عند الأقباط
بينما حدثنا دكتور “ماجد صبحي” أمين وحدة البحث والنشر بالمركز الثقافى القبطي، عن “ألوان من الترجمة عند الأقباط” بدءاً من الترجمة من اليونانية للقبطية ومن اليونانية للعربية ومن ثم من القبطية للعربية قائلا: أن المسيحية بدأت في الانتشار أثناء الثقافة واللغة اليونانية، وهذا يفسر أن القرنين الأول والثاني الميلادي لا نجد نصوص كثيرة مترجمة لمعرفة الناس باليونانية، أما في القرن الثالث فقد ظهرت الترجمة في صورة تعليقات على هوامش المخطوطات باللغة القبطية لفهم النص، ثم بدأت الترجمة من اليونانية إلى القبطية تزداد فتمت ترجمة النصوص الدينية وهي أسفار الكتاب المقدس وأقوال القديسين، هذا إلى جانب النصوص التاريخية والروايات الأدبية مثل رواية الإسكندر الأكبر، بالإضافة إلى بعض ما يناسبهم من الحكم والفلسفة اليونانية، وكان أهم مراكز الترجمة في هذه الفترة هي دير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج.
إن الترجمة من القبطية إلى العربية مرت بعدة مراحل، هذا ما أوضحه دكتور “ماجد” قائلاً أن المرحلة الأولى كانت كتابة اللغة العربية بحروف قبطية، الثانية مرحلة الترجمة المتعثرة وهي مكتوبة باللغة العربية مع كتابة بعض الكلمات القبطية على الهوامش في حالة عدم التأكد من المعنى، ثم المرحلة الثالثة التي ارتبطت بها الترجمة بالطب، ومن أمثال هؤلاء المترجمين الأنبا مرقس أسقف سندوب في القرن 13 والقس غبريال المتطبب في القرن 14.
وذكر دكتور “ماجد” أن من أهم مراكز الترجمة في هذه الفترة هي دير الأنبا مقار بوادي النطرون وهذا ما يؤكده المخطوط 145 بباريس، ودير الأنبا انطونيوس بالبحر الاحمر وهذا ما يوضحه المخطوط 289 لاهوت بالبطريريكية والتي تذكر قيام حركة ترجمة لبعض النصوص القبطية إلى اللغة العربية في نهاية سنة 1270م.
مناظر العهد الجديد في الكنائس القبطية
ثم جاءت كلمة د.ماري كوبيليان “المدرس المساعد بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان” عن مناظر العهد الجديد في الكنائس القبطية من ناحية أماكن تواجد الأيقونات في الكنيسة القبطية والمناطق التي تتواجد بها الصور الأثرية.
حيث أشارت إلى أنها استعانت بالعديد من الكنائس والأديرة أثناء دراساتها للأيقونات التي تعد عنها رسالة الدكتوراة، ومن هذه الكنائس كنيسة السيدة العذراء في دير السريان وكنيسة السيدة العذراء في دير البراموس ودير الملاك غبريال في دير القلمون دير الشهداء في إسنا ودير قبة الهواء في أسوان إلى جانب أديرة البحر الأحمر، كما شملت الدراسة أجزاء معينة من الكنيسة وهي الصحن الذي يجلس به جموع المصلين، والخورس الذي بدأ في الظهور في القرن السابع وهو المساحة المستطيلة بين الصحن والهيكل والذي يجلس بها الشمامسة، وأخيرًا الهيكل أكثر مكان قدسية في الكنيسة.
وأضافت دكتوره ماري أن الفنان القبطي كان يستلهم إبداعه من خلال أحداث الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل مثل حلول الروح القدس على التلاميذ، وأيضًا الرسائل فهي مصدر إلهام هام جدًا للفنانين، هذا إلى جانب سفر الرؤيا والاسفار القانونية، إلا أن هذا الإلهام كان لا يخضع لبرنامج محدد، فكل كنيسة لها طابعها الخاص في المناظر المرسومة بها، إلا أن تلك المناظر لا تخرج عن ثلاث سمات، الأولى المناظر الرمزية التي ترمز إلى طقوس الكنيسة، الثانية المناظر التاريخية التي تحكي قصة ومأخوذة معظمها من الأناجيل الأربعة بهدف تعليمي، أما السمة الثالثة فهي الصور الشخصية للقديسين والرسل والأنبياء والهدف منها هو التبارك بها والصلاة أمامها لطلب الشفاعة.
الأدب القبطي.. يتصف بخفة الدم
تحدث د. يوحنا نسيم “الباحث بالجامعة الكاثوليكية باستراليا” عن الأدب القبطي.. يتصف بخفة الدم قائلاً: بالرغم من أنه مذكور في الكتاب المقدس وبعض سير القديسين إن بالحزن والكآبة يصلح القلب، إلا أن طبيعة الشعب المصري دائمًا ما تتصف بالمرح.
وأنهى د. جودت جبرة اللقاء بتأكيده على وجوب تأسيس مراكز لتدريس الحضارة القبطية في الجامعات المصرية، وطالب بأن يتم طباعة تلك المحاضرات في صورة نبذات زهيدة الثمن لإتاحة المعرفة لكل الناس.