نجح قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني البابا الـ١١٨ بين البطاركة المصريين، وخلال عامين فى أن يجعل الكنيسة تتصدر المواقف الوطنية المشرفة، وأن يكون سفيرًا فوق العادة؛ لتقديم مصر الجديدة للعالم أجمع، فاستحق احترام وتقدير كل المصريين.
فى حوار عيد الميلاد الذي تنشره “جريدة الأهرام” يوم السبت الموافق 27 ديسمبر 2014م وعند سؤاله عن الأقباط والكنيسة، يجيب قداسة البابا الوطن هو الاهم، واستقرار الوطن هو الضمان لمستقبل أفضل للجميع، مؤكدًا أن الأوطان أبقى من الكنائس، وأن الكنيسة مؤسسة من مؤسسات الدولة الأمينة على الوطن، وبكل جرأة وثقة فى الله قال البابا لا نخشى وقوع تفجيرات إرهابية فى العيد، فنحن فى يد الله وهو يضبط كل شئ، ورفض البابا أن يكون التمثيل فى البرلمان المقبل على أساس دينى مطالبًا بتغليب الكفاءة والوطنية، منبها إلى أنه لو جاء برلمان أعضاؤه على مستوى جيد، فالنتيجة ستكون رائعة لنا جميعًا كمصريين.
وتطرق حوارنا مع البابا إلى كل مايخص الشأن الداخلى للكنيسة الزواج والطلاق وزيارة القدس والصراع بين الأساقفة، والمقارنة الدائمة بينه وبين الراحل البابا شنودة، وسألناه عن علاقته بالرئيس السيسى فلم يخف إعجابه به وباحترامه للجميع وتقديره لكل واحد فى مكانه، وتحدث إلينا البابا عن برنامجه اليومى ولونه المفضل وتمنياته فى العام الجديد، وإلى تفاصيل الحوار.
– كل عام وقداستكم طيب ومصر بألف خير كيف ترون ونحن نرصد حصاد عام مضى وننتظر عاما جديدًا أهم الإنجازات بالنسبة لمصر والكنيسة والبابا تواضروس الذى احتفلنا فى ١٨ نوفمبر الماضى بعيد جلوسه الثانى؟
— أهلًا وسهلا وكل سنة والأهرام (الجريدة المفضلة) بخير وسعداء أن نتقابل مع بداية عام جديد، بالنسبة لعام ٢٠١٤ فقد تزين بالاستحقاق الأول لثورة ٣٠ يونيو بالاستفتاء على الدستور، وتزين أيضًا بانتخاب رئيس الجمهورية، وبدأت البلد تستقر نسبيا (شويه بشويه)، ربما يوجد حصاد كثير، لكن الحصاد الأهم الذى تم هو إطلاق مشروع قناة السويس الجديدة بجوار مشروعات أخرى.
وعلى المستوى الكنسى مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة الذى افتتحه السيد رئيس الوزراء من الحصاد الجيد للعام الذى سنسميه الماضى بعد أيام معدودة، وعلى المستوى الكنسى والشخصى قمت بعدة زيارات مهمة فى مطلعها زيارة دولة الإمارات العربية والكنيسة الروسية، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى كندا بمناسبة مرور ٥٠ عامًا على تأسيسها.
– ماذا تغير فى حياة قداستكم بعد عامين من جلوسكم على الكرسى البابوي؟
— كل شئ تغير، والأمر الصعب المسئوليات الكثيرة والمتشعبة والمتعددة، وطبعًا الأمر لا يخلوا من المشكلات والضيقات والأزمات، وضيق مساحة وقت اليوم لا يسعفنا لإتمام كل المهام.
– ونحن نستعد للاحتفال بعيد الميلاد المجيد هل تخشون إفساد فرحة العيد بتفجيرات إرهابية هنا أو هناك، وأن يأتى العيد ملطخًا بالدماء لا قدر الله؟
— نحن لا نخاف شيئًا فنحن فى يد الله، والله يضبط كل شئ ويجعل كل شئ آمنًا، وبنعمة ربنا كل الأمور ستكون بخير.
– هل شعرت بالخوف على مصر فى أى لحظة بسبب الأحداث الماضية التى عرفتها بلادنا فى السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة أن هناك بعض البلاد حولنا انهارت بسبب أحداث مماثلة لما شهدته بلادنا؟
— مصر لم تمر فقط بلحظات صعبة خفت فيها على مستقبلها، بل مرت بأيام وأسابيع وشهور شديدة الصعوبة مليئة بالمتغيرات والمفاجآت، وكان الكثير منها صادمًا وغير موات للمجتمع المصرى، ولكن بعد ٣٠ يونيو بدأ الحال يتحسن رويدًا رويدًا، وطوال الوقت كنا نصلى، ولم نخاف؛ لأننا نعلم أننا فى يد الله القادر على كل شيئًا.
– هل طبيعة قداستكم الشخصية أم دراستكم للصيدلة هى التى جعلتكم فى كل قرراتكم وتصرفاتكم، لا تمسكون العصا من المنتصف، فقد انحزت لثورة ٣٠ يونيو بكل جسارة، ودائما واضح ومباشر إلى حد كبير؟
— قناعتى أن أقصر مسافة ما بين نقطتين هو الخط المستقيم، وربما لأننى لست رجل سياسة؛ فأنا واضح التعبير والرؤية، أما بالنسبة لدراسة الصيدلة، فقد علمتنى الدقة، وأن أحسب حساب كل شيء بدقة، وأيضا علمتنى الجمال، فأنا أحب كل شيء أمامى جميلًا، والدواء إذا لم يكن جميلًا لا يأتى بفاعلية، لدرجة أن هناك علمًا يدرس شكل عبوة الدواء وتوزيع الألوان وكتابة الخط، علمتنى دراسة الصيدلة أيضًا أنه لابد أن أريح الناس.
– كم مرة تعرضت لمحاولة اغتيال؟
— يسأل فى ذلك أجهزة الأمن أنا لا أعرف.
– هل الإجراءات الأمنية والظروف الصعبة التى تمر بها البلاد باعدت إلى حد كبير بينكم وبين المواطنين البسطاء، ولماذا كل الرجال الذين حولك ممن كانوا يعملون معكم فى إيبارشية البحيرة؟
— من يعملون معى فى البحيرة هم من أعرفهم وجميعنا كنا نخدم هناك، وأكملنا خدمتنا فى القاهرة وبعضهم تلاميذى، ولم يحدث أبدًا أن باعدت الإجراءات الأمنية بينى وبين المواطنين، فيما عدا موقف واحد نصحنى الأمن بألا أذهب إلى هذا المكان فى هذا الوقت، برغم أنه كان لابد أن أذهب إليه.
– لماذا يحتفل الغرب بميلاد السيد المسيح فى ٢٥ ديسمبر، ونحتفل نحن فى ٧ يناير؟ ولماذا لم تنجح بعد كل هذه السنوات محاولات ومفاوضات توحيد يوم الاحتفال؟
— الحكاية ببساطة أن الغزب ماشى على تقويم ونظام، والشرق ماشى على تقويم ونظام آخر، وأقرب مثال قياس درجة الحرارة، هناك مقياس مئوى وآخر فهرنهايت، فمثلًا ٣٧ درجة مئوية درجة حرارة الإنسان بالمقياس المئوى هى ٩٥ بمقياس فهرنهايت، وهناك محاولات مع بعض الكنائس لتوحيد يوم عيد القيامة، ونقترح أن يكون الأحد الثالث أو الرابع فى شهر أبريل.
– مصر فى حالة تغير شديد والكل ينتظر البرلمان المقبل، والأقباط ينظر إليهم أنهم الحصان الأسود فى الانتخابات المقبلة، كيف تنظرون للمعركة الانتخابية، وما هو دور الكنيسة فيها؟
— الكنيسة مؤسسة من مؤسسات الدولة، ومؤسسة أمينة على الوطن، عملها روحى، وليس لها دور سياسى على الإطلاق، ولكن لها دور اجتماعى يدخل فى حق المواطنة، هذا هو دور الكنيسة فى الأساس، والانتخابات البرلمانية تخصنا جميعًا، فالبرلمان يقدم قوانين الحياة فى مصر، وما يهمنا هو معيار الكفاءة فى اختيار نواب مجلس الشعب، فلا يصح أن يشترك فى وضع قانون إنسان لا يعرف شيئًا عن القانون، وهذا شيء مهم جدًا، يهمنى فى البرلمان المقبل، أن يكون هناك نواب على مستوى عال من المهارة، والمفروض أن نبتعد عن مجرد الشعبية أو القبلية، أو وسائل الإغراء المادية، ونبحث عن عناصر جيدة، ولو وجد برلمان أعضاؤه على مستوى جيد، ستكون النتيجة رائعة لنا كلنا كمصريين.
– هل ترجع الدولة إلى الكنيسة فى اختيار بعض الأسماء للنزول فى الانتخابات أو للتعيين فى البرلمان المقبل؟
— لم يتطرق الحديث إلى التعيين بأى صورة حتى الآن، وبالنسبة للنزول فى الانتخابات، فمن سينزل فردى لا دخل لنا بذلك، أما بالنسبه للقوائم فقد تقدم لنا بعض المرشحين بسيرتهم الذاتية، وطلبوا الدعم، فقدمنا هذه السير إلى من يعدون القوائم دون أن ننحاز إلى أحد، وما أود أن ألفت النظر إليه هو أنه من المهم أن يكون لدينا أكثر من قائمة قوية تحوى كفاءات إسلامية وقبطية وسيدات ومعوقين ومن الخارج ليفاضل الناس بين كفاءات ليصل إلى المجلس الأفضل من بينهم.
– قلت قداستكم قبلًا أن تعداد الأقباط ١٥ مليونًا والمسلمون ٧٥ مليونًا، إلى أى إحصاء تستندون بالنسبة لعدد الأقباط؟ وما هو التمثيل المناسب للأقباط بالنسبه لعددهم وثقلهم السياسى والاقتصادى والثقافى فى البرلمان المقبل؟
— حسب قانون الكنيسة كل كاهن لابد أن يعرف رعيته كل واحد باسمه، ويسجله كعضو فى الكنيسة، ومعظم الكنائس تم فيها تسجيل عضوية الأعضاء، ومن واقع هذه السجلات تبين لنا هذا الرقم، وهو يشمل كل المسيحيين من مختلف الطوائف داخل وخارج مصر فأقباط المهجر فى حدود مليون ونصف، وأنا لا أميل أن يكون التمثيل فى البرلمان حسب الانتماء الدينى، وأفضل أن يكون المعيار هو الجودة والكفاءة والانتماء الوطنى، والمهم أن الذين يمثلون المجتمع المصرى كله فى مجلس الشعب يكونون على قدر عال جدًا من الكفاءة، فالبرلمان هو المعمل الذى يضبط الحياة المصرية.
– الأقباط ينتظرون البرلمان المقبل لإقرار عدد من القوانين التى طال انتظارها، ومنها قانون الأحوال الشخصية، وقانون بناء الكنائس، ما هو الموقف بالنسبة لكلا القانونين؟
— قانون بناء الكنائس تناقشت فيه كل الكنائس فى مصر التى تمثل مختلف الطوائف المسيحية، وقدموا فيه مسودة للدولة، والدولة عقدت معنا عدة اجتماعات وتناقشنا معًا لضبط القانون، تمهيدًا لرفعه للبرلمان، ونتمنى أن يصدر بصورة مرضة وكافية فهذا سيحقق تهدئة لأكثر من ٥٠٪ من الأسباب التى تؤدى للاحتقان الطائفى فى أى مكان، أما بالنسبه لقانون الأحوال الشخصيه فما زال فى طور المناقشات بين الكنائس، وهناك اتفاق تقريبًا على نسبه تصل إلى ٩٠٪، وباقى الـ١٠٪ بعضها مقبول لدى بعض الكنائس، وبعضها غير مقبول لدى الأخرى، والقانون لا يزال تحت المناقشة، ولم يتم رفعه للدولة.
– لماذا ترفض الكنيسة لائحة ١٩٣٨ التى كان معمولًا بها حتى ١٩٧١؟ ولماذا هناك رفض للزواج المدنى وتشدد فى التصريح بالزواج الثانى؟ وما هو رد قداستكم على من قالوا لايوجد نص فى الإنجيل يقول لا طلاق إلا لعلة الزنى؟
— بالفعل لايوجد نص يقول هذه العبارة، ولكن ما يحمل ويعنى ذلك (من طلق امرأته إلا لعله الزنى)، ونحن نرفض لائحة ١٩٣٨ لأنها لائحة مدنية وضعت بواسطة المجلس الملى، ولم يتم إقرارها من المجمع المقدس، وبالتالى لا يوجد فيها صفة التشريع، لأن الجهة المنوط بها التشريع هو المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهناك رفض للزواج المدنى، لأن الزواج فى الكنيسة أحد الأسرار المقدسة، ويجب أن يتم من خلال الكنيسة وليس خارجها، أما بالنسبه للزواج الثانى فإذا فصلت الزيجة على أساس خطيئة الزنا بكل صورها، فالطرف الذى أخطأ، تنظر له الكنيسة على أساس أنه لم يكن أمينًا على الزواج الأول، فكيف يؤتمن على زواج ثان.
– قداستكم قلتم عبارة اعتبرت أنها أفضل ما قيل من باباوات الكنيسة لتأكيد أهمية الوطنية وهى (يمكن أن نعيش فى وطن بلا كنائس ولكن لا يمكن أن نعيش فى كنائس بلا وطن – فالأوطان أبقى من الكنائس، عبارتكم الحكيمة ماذا كان وراءها؟ وهل كانت مغامرة ما قمتم به في ٣٠ يونيو أم موقف لم يكن هناك مفرًا منه؟ كيف حسبتها؟ وهل استشرت أحدًا من الأساقفة أو المجمع المقدس؟
— الأوطان أبقى من الكنائس، فالوطن هو الاحتياج الأول للإنسان، كما يحتاج الى بيت وسكن، الاحتياج الثانى للإنسان هو وجود مكان للعبادة، فكيف يوجد مكان للعبادة ولا يوجد وطن ومكان للسكن ، وبالتالى الوطن يتحقق أولآ، فممكن أكون فى مكان ليس فيه كنيسة وأصلى، وممكن إذا سافرت الى بلد ليس فيه كنيسة قبطية أرثوذكسية أذهب الى بيت صديق ونصلى معآ.
وتواجدنا مع فضيله شيخ الأزهر الشريف ورموز المجتمع المصرى فى ثورة ٣٠ يونيو هو انحياز لإرادة شعبية وحركة شعب وثورة شعب، ولم يكن هناك وقت للمشورة والتشاور فالبلد كلها كانت تغلى ونزلت للشارع لتعبر عن رأيها ورفضها للنظام الذى كان موجودًا، ولتصرفات كثيرة كانت ظاهرة، وشاهده للعيان.
– ماذا تقول عن علاقتكم بالرئيس السيسى وما هى المكافأة التى ينتظرها الأقباط بعد كل ما تحملوه فى السنوات الماضية؟
— نحن لا ننتظر مكافأة، نحن نعبر عن موقف كنسى وطنى ثابت فى حياتنا، ولم نصنع مواقفنا من أجل مكافآت، وعلاقتنا كمصريين، بالرئيس عبد الفتاح السيسى علاقة طيبة، هو إنسان يحترم الجميع، ويقدر كل واحد فى مكانه، العسكرى فى موقعه، والعالم فى معمله، والمسلم فى مسجده، والقبطى فى كنيسته، كل إنسان حسب تخصصه وبحسب وضعه، وأعتقد ان هذه أولى خطوات النجاح وهى احترام وعدم تهميش أى إنسان مادام يعيش على أرض مصر.
– كيف تنظرون لمبادرات الصلح مع الإخوان؟
— هذه يقدرها الذين يعملون فى السياسة فهم لديهم حسابات وموازين وتقدير لإمكانية إتمامها والتوقيت المعين، والشروط المناسبة لها وهكذا.
– ماذا وراء كل هذه الرحلات للخارج خلال عامين وهل تم تكليفكم بالسفر من قبل السيسى أم بادرتم قداستكم بأن تكون سفيرا لمصر الجديد، وكيف استقبلتم الانتقادات بأن الداخل يحتاج زيارات مماثلة وخاصة فى الصعيد؟
— أول زيارة لى بعد الجلوس على الكرسى البابوى كانت للصعيد لدير المحرق وزرت إيبارشية أسيوط وتقابلت مع نيافة المطران المتنيح (الراحل) الأنبا ميخائيل وزرت إيبارشية القوصية وسوهاج والفيوم وهناك برنامج زيارات لمختلف الإيبارشيات فى العام الجديد.
أما زيارات الخارج فكل زيارة كان لها هدف، بعضها زيارات رعوية، وبعضها تلبية لدعوة بعض الجهات مثل حكومة دولة الإمارات العربية، أو للتعزية لوفاة البطريرك السريانى مار أغناطيوس زكا عيواص، وبعضها للتعارف مع بعض الكنائس مثل الكنيسة النرويجية، وبعضها للرعاية مثل كندا، وبعضها لمد جسور التعاون مع الكنائس الأخرى مثل الكنيسة الروسية، ولم يكن هناك تكليف إطلاقًا بزيارات الخارج.
– كيف وجدتم صورة مصر فى الخارج؟
— وجدت شغفًا غير عادى بمصر، فى إحدى الدول التى زرتها رئيسها كان فى أجازته السنوية وعندما أبلغوه اننى قادم لبلاده قطع أجازته وجلس معى طويلًا وطلب أن أقص عليه كل ماجرى فى مصر بالضبط، وفى حضور السفير المصرى هناك، فقلت له كل شئ، فقال لى الآن فهمت الصورة كاملة، وبالطبع هذا انعكس على سياسة بلاده تجاه مصر، وفى طريق خروجنا من المقابلة قال لى السفير المصرى أنت قلت كلامآ لا أستطيع ان أقوله كدبلوماسى، فالدبلوماسى تحكمه قوانين عملهم، ولكن أنا تحدثت كمواطن مصرى.
– ماذا عن زيارتكم لإثيوبيا وهل تم تحديد موعد زيارة بطريركها متياس الأول وحدود دور الكنيسة فى سد النهضة وتحسين العلاقات السياسية بين البلدين؟
— زيارة بطريرك إثيوبيا ستكون فى النصف الأول من شهر يناير المقبل، وهى الزيارة الأولى له بعد تجليسه، وطبعا سنرد الزيارة لإثيوبيا فى موعد لاحق، وعلاقتنا بالكنيسة الإثيوبية طيبة، ونتحدث بصفه عامة بما يصب فى مصلحه البلدين، وكيف أن مصلحة مصر هى مصلحة إثيوبيا كشعوب متحابة وصديقة ولها تاريخ طويل.
– الشارع المصرى يطمح أن تعود علاقتنا مع إثيوبيا لما كانت عليه أيام عبد الناصر والبابا كيرلس وهيلاسلاسى كيف يتحقق ذلك؟
— هيلاسلاسى كان إمبراطورًا أرثوذكسيًا، النظام الموجود حاليًا فى إثيوبيا تغير ولم يعد هناك امبراطور، أيضًا كنيستهم تغيرت فقد كانت يرسم لها بطريركآ من مصر، وأصبحت هى التى تختاره والكنيسة المصرية تشارك، والجو الذى كان موجودًا من ٥٠ سنة لم يعد له وجود حاليًا.
– لماذا هناك حالة تربص بكل خطوة تقومون بها وانتقاد لامبرر له ومقارنة مع الراحل البابا شنودة على خلفية انفعال قداستكم وواقعة قولكم (طلعوها بره لإحدى السيدات من محاضرتكم الأسبوعية)؟
— أولا لا وجه للمقارنة بين البابا شنودة والبابا الحالى، وإن شئت رمزية، فهذا أستاذ وهذا تلميذ، أما بالنسبه للانتقادات فلا أعرف مصدرها ولا أسبابها، وأنا أخدم بضمير وبأمانه أمام الله، ولا ألتفت لهذه الأمور ولا أتابعها، أما بخصوص هذه السيده فهى سيدة معروفة والتقيتها من قبل أكثر من مرة، وأعرف مشاكلها وهى متعددة، ولديها مشكلة أسرية كبيرة، وعندما ارتفع صوتها داخل الكنيسة واستشعرت أنها بدأت تكسر وقار الكنيسا، انتظرت حوالى دقيقتين والواقعة كانت على الهواء، ودقيقتين على الهواء وقت طويل جدًا، وأمامى ناس يسمعونني، وآخرون بالآلاف على الشاشات يتابعوننا، فانتظرت حتى تفرغ ما لديها من شحنه غضب أو تخرج ونزل إليها أب كاهن وشمامسة وأب أسقف، وعندما وجدت أنها مستمرة فى هياجها، كان لابد أن أقول لها اتفضلى إطلعى بره، ولم يكن هذا بقصد الطرد، ولكن بقصد أن تعبر عن رأيها وغضبها خارج الكنيسة، والمفاجأة أنها خرجت هادئة من الكنيسة ولم تنفعل، ولو كانت لديها شكوى حقيقيةه لخرجت وةستمرت فى الانفعال والبكاء ولكن لم يحدث ذلك.
– هل تم احتواء صراعات الانتخابات البابوية وكيف تتعاملون مع كبار الاساقفة رجال البابا شنوده الذين ينظر البعض إليه باعتبارهم يشكلون مراكز قوى أو حرس قديم فى الكنيسة؟
— كل ما تذكرونه فى سؤالكم وأنا أقدره استعرته من تعبيرات عالم السياسة، وهى لا وجود لها فى عالم الكنيسة على الإطلاق، ولا يوجد لدينا رجال البابا شنودة ورجال البابا كيرلس، فهناك بعض الآباء تمت رسامتهم فى عهد البابا يوساب مثل المتنيح الانبا ميخائيل مطران أسيوط، نحن جميعًا نخدم الكنيسة، كل الآباء بأمانة، وبعد الفترة الانتقالية التى أدارها بحكمة بالغة الأنبا باخوميوس، عاد كل أسقف يخدم فى مجاله، وبعض الآباء الموجودين فى منطقه الأنبا رويس بجوارى مساعدين لى فى أماكن كثيرة، وأحيانًا يصاحبوننى فى بعض المناسبات، وأكلفهم بأعمال داخل وخارج مصر.
– هل هناك تراجع فى قرار منع الأقباط من زيارة القدس خاصة بعد تصريحكم بالسماح للمتقدمين فى العمر بالزيارة؟
— لا تراجع عن قرار المجمع المقدس بمنع زياره الأقباط للقدس إلا مع أشقائهم المسلمين، ولكن حالة إنسانية لأب عمره فى نهاية السبعينات طلب منى أن يلتقى أولاده القادمين من دول مختلفة هناك كانت وراء السماح للمتقدمين فى العمر بزياره القدس، ولا تنسى أن لنا هناك مطران فى القدس ولنا كنائس قبطيه ورهبان وراهبات ومدرسة قبطية.
– كيف استقبلتم براءة مبارك وماهو رد فعلكم على انتقاد تصريحاتكم بأنكم ترون أنه يجب إطلاق سراحه؟
— يوجد فرق بين أن تتكلم عن شخص قبل المحاكمة، أو بعد صدور قرار القضاء الذى أعطاه البراءة، ولا تعليق على أحكام القضاء لا بالسلب ولا بالإيجاب، الانتقادات التى وجهت لم تفرق بين ما قبل قرار المحكمة، وما بعده، وهذه وجهة نظرى الشخصية.
– لماذا أكدتم أن داعش صناعة غربية ومؤامرة من الغرب على المنطقة وكيف نحمى مصر مع الأنباء التى تردد أنهم فى تزايد بليبيا وأنهم يستهدفون مصر؟
— القارئ البسيط لما يكتب فى الصحافة، وما يقال فى أجهزة الإعلام يمكن أن يستنبط أن العنف وارد على المنطقة، وعلى سبيل المثال ما قيل عن العراق عن امتلاكها أسلحة دمار شامل أيام صدام حسين، والحال الذى أصبحت عليه خير دليل، طبيعه سكان الشرق الأوسط بصفة عامة هادئة، وفى اعتقادى أن العنف وارد من الخارج بكل صورة وجماعاته.
ونحمى مصر من داعش وغيرها بوحدتنا الوطنية، وبالإعلام الناضج، الذى يجعل كل مصرى منتبه لمكانه، وبعدم الالتفات للأصوات المحبطة التى تستهدف عزيمه الشعب والجيش والشرطة ومؤسسات الدوله بصفة عامة.
– كيف ترى مستقبل الأقباط فى مصر وماذا عن أرقام من هاجروا خلال السنوات الماضية وماذا تقول لهم ولمن لازالت فكرة الهجرة تراودهم بحثًا عن الأمان لدى الغرب؟
— مستقبل الاقباط هو مستقبل المصريين جميعًا، وهذا مستقبل شعب ووطن، وقرار الهجرة قرار فردى تأخذه أسرة أو فرد لدوافع متعددة سواء للدراسة أو تحسين معيشه أو البحث عن أمان، ومع كل أزمة فى المجتمع تحدث موجة هجرة، فمثلًا مع ثورة ١٩٥٢، ومع قوانين التأميم، ونكسة يونيو ٦٧، وحرب ٧٣، واغتيال السادات، وموجة العنف فى التسعينات، ثم ثوره يناير كل هذه الأحداث خلقت موجات هجرة، لكن عندما تبدأ درجه من درجات الامان يعود الكثير منهم، فالمصرى عاشق لتراب وطنه، وأقول لكل المصريين الأمان فى مصر يتحسن، والحياه تتطور للأفضل، والأمان فى يد الله.
– الفقر والبطالة مشكلة مصر الحقيقية، ماهى كيفية الخروج منهما وكيف تساعد الكنيسة فى ذلك؟
— أولًا الجدية فى العمل، ثانيآ بإتقان مهارات من خلال تعليم فنى حقيقى، ثالثا بالمشروعات العملاقة والصغيرة.
– ما هو البرنامج اليومى لقداستكم ومتى يبدأ؟
— برنامجى مقسم من ١١ صباحًا حتى ١١ مساءً مع الناس فى مقابلات وزيارات وتعليم، ومن ١١ مساءً الى ١١ صباحًا أحاول ان أجعله مع الله وحدى.
– كم خط تليفونى معكم وكم مكالمة تتلقونها وعلى من تردون؟
— لدى خط تليفونى واحد خطى القديم، وأتلقى مئات المكالمات والرسائل وارد على عدد محدود من الرسائل والمكالمات أنتم منهم.
– ماهى القضية العالقة التى تؤرق قداسة البابا تواضروس؟
— الاستقرار الكامل والأمن الكامل لمجتمعنا المصرى وسيادة المحبة بين كل المصريين.
– هل هناك لون مفضل لقداستكم أم أن اللون الأسود ضرورة حياتية؟
— أحب اللون الأصفر جدًا وهو لون الذكاء.
– رساله لمن توجهونها وماذا تكتب فيها؟
— الى كل شاب على أرض مصر أقول له اجتهد فى عملك أو دراستك وكن مفكرًا واهتم بالمشروعات الصغيرة، شركة سونى العملاقة بدأت من تحت بئر السلم فى غرفه مساحتها متر فى مترين.
– هل تنتظرون الرئيس عبد الفتاح السيسى لتهنئتكم بالمقر البابوى كما حضر العام الماضى؟
— أبوابنا مفتوحة للجميع ونعلم تمامًا مشاعره الطيبه نحونا فى كل وقت.