استقبلت وكالة أنباء مسيحيي الشرق الأوسط خلال النصف الثاني من العام 2014، أي على مدار الأشهر الستة الأولى لحكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عدة نداءات من رجال دين مسيحي، وجَّهوا استغاثاتٍ إليه، إما بتدخل الأمن لحمايتهم أثناء بناء مبنى خدمات كانوا قد حصلوا على ترخيص رسمي ببنائه، ولم يتثنَ لهم البَدء فيه؛ بسبب المتشددين والبلطجية، أو بسرعة إصدار تراخيص ببناء وترميم كنائس. وفي الحالتين، لم يتلقوا ردودا حيال هذه الاستغاثات، ولم تكن هناك أية نتيجة.
وقد التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، برؤساء الكنائس المصرية في أغسطس الماضي، بحضور قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور القس صفوت البياضي، رئيس الكنيسة الإنجيلية، وغبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك، والقس سامي فوزي، نيابة عن المطران منير حنا أنيس، مطران الكنيسة الأسقفية في مصر؛ نظرًا لسفره وقتها بالخارج، وعددا من المطارنة الكاثوليك، منهم المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، ونيافة المطران جورج بكر، مطران الروم الكاثوليك، والخور أسقف فيليب نجم، مطران الكلدان، إلى جانب لفيف من رؤساء الكنائس بمصر.
وتناول اللقاء الحديث عن الكنائس التي تعرضت للهدم والاعتداء من قِبل المتشددين في أغسطس من العام المنصرم، والتي لم يكتمل بناؤها وإعمارها، وقد وعد الرئيس بأنه سيتابع الأمر بنفسه، كما تطرق الحديث إلى قانون بناء الكنائس الموحد، وقال السيسي إن “من حق كل المصريين الصلاة، وإنه وفق الدستور الجديد، سيتم إقرار قانون بناء الكنائس”، مضيفا “نحن في انتظار البرلمان المقبل لإقرار كل القوانين”، وشدَّد على أن “مصر للجميع”.
وتناول اللقاء أيضا الحديث عن المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد، وضرورة تعضيد أبناء الوطن كافة للخروج منها، وإنه رغم صعوبتها، فإن البلاد تسير بثبات، كما تناول الأوضاع بالمنطقة، وما يجري بالعراق، وكان موقف الرئيس واضحًا في نبذ تلك الأفعال، ووصفها بأن “هناك مخططا يريد هدم المنطقة بأكملها، وعلى الجميع التوعية بهذه الأمور”.
وطالب رؤساء الكنائس أثناء اللقاء بأن “يكون هناك دعم مصري للعراق”، وهو ما رحَّب به الرئيس، ووعد بوضع آلياتٍ له، وقد اقترح المطران فيليب نجم، مطران الكلدان في مصر، على الرئيس عبد الفتاح السيسي “عقد مؤتمر إسلامي مسيحي حول نزوح وتهجير مسيحيي العراق”.
وتطرق الحديث لقانون بناء الكنائس الموحد، وأكَّد رئيس الجمهورية في ذلك السياق، أن “الصلاة هي حق لجميع المصريين”، وفي نهاية اللقاء، سأل السيسي رؤساء الكنائس حول ما إذا كانت لهم طلبات أو اقتراحات معينة، خلال الاجتماع، أما هم فلم يطلبوا أي شيء، بل أعربوا عن سعادتهم باللقاء، مؤكدين أنهم أتوا لتأكيد المحبة وخدمة الوطن.
وبشأن قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط، كانت وزارة العدالة الانتقالية قد أرسلت مشروع القانون لرؤساء الكنائس لمناقشتة، وإرساله للوزارة مرةً أخرى؛ لعرضه على البرلمان القادم، وهو ما لاقى جدلا كبيرا في الشارع القبطي بين مؤيد ومعارض، هذا وكانت مصادر كنسية قد صرَّحت للوكالة بأن “مشروع القانون إذا ما تغير منه أي بند بعيدا عما اتفقت عليه الكنائس، والتي قامت بصياغته بصيغه تتناسب مع طقوس الكنائس، أثناء مناقشته وطرحه على مجلس النواب، فإنه سيخل بالقانون”.
وقد أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيس، في ديسمبر الجاري قرارا جمهوريا، رقم 471 لسنة 2014، بالترخيص لطائفة الأقباط الكاثوليك ببناء كنيسة الشهيدين بطرس وبولس، بمدينة أسيوط الجديدة، مركز الفتح، محافظة أسيوط، وذلك بناء على موافقة وزارة الداخلية.
كما أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارا جمهوريا في نوفمبر بالترخيص للطائفة الإنجيلية ببناء الكنيسة الرسولية بناحية القرية بالدوير، في مركز طِما بمحافظة سوهاج، وصرَّح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن “هذا القرار يأتي تعبيرا عن روح المودة والأخوة التي توحِّد بين أبناء الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه، ولتمثل ردا عمليا على محاولات بث بذور الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، من المقرر أن تُقام الكنيسة على مساحة أرض تُقدر بحوالي 2 قيراط أملاك دولة، وتضم الكنيسة قاعة احتفالات، وناديا ترفيهيا صغيرا”. لكن، وبعد ستة أشهر من وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم، لم يتبدل وضع الأقباط كثيرا، في ظل استمرار مسلسل خطف الأقباط لطلب فدية، بالأخص في محافظات الصعيد، وعلى رأسها المنيا، كذلك استمرار اختفاء الفتيات القبطيات، كما كانت هناك عدة حالات استيلاء على أكثر من قطعة أرض مملوكة لأقباط؛ الأمر الذي أدى لإطلاق استغاثات كثيرة للمسؤولين، الذين لم يتدخل أحدهم، ووقفت الشرطة، في حالاتٍ كثيرة، موقف المتفرج.