يقدم لنا إنجيل هٰذا الأحد معجزة “إشباع الجُموع” في (لوقا 9: 12-17)؛ يقرأ هٰذا الفصل من الإنجيل: حين يوافق الأحد الخامس اليوم الثلاثين من الشهر القبطيّ في الستة أشهر الثانية من السنة القبطية، في حين تُقرأ معجزة “إشباع الجُموع” من إنجيل يوحنا الأصحاح السادس حين يوافق في الستة أشهر الأولى. تُعد معجزة “إشباع الجُموع” إحدى المعجزات التي ذُكرت في البشائر الأربع إذ تقدم لنا أحد التعاليم الأساسية في حياة الإنسان وعَلاقته بالله؛ فنجد فيها:
• مشكلة: بعد أن حدَّث السيد المسيح الجُموع وقدَّم لها التعاليم الروحية وشفى أمراض كل من يحتاج إلى الشفاء، تقدم إليه تلاميذه يسألونه أن يَصرِف تلك الجموع بعد أن قضَّت وقتًا طويلاً لتعود لمنازلها إذ قد بدأ النهار ومن المؤكد أنها جاعت وتحتاج إلى ما تقتات به: “فابتدأ النهار يميل. فتقدم الاثنا عشر وقالوا له: «اِصرِف الجمع ليذهبوا إلى القرى والضياع حوالَينا فيبيتوا ويجدوا طعامًا، لأننا هٰهنا في موضع خلاء».”، لأنهم لم يكُن لديهم ما يمكن أن يقدموه لتلك الجموع الغفيرة طعامًا أو مالاً.
• إجابة غريبة: كان التلاميذ يتوقعون من السيد المسيح أن يستجيب لكلماتهم لأنهم موقنون بعلمه بأن لا طعام لديهم بالفعل، ثم إن البقاء في البرّية أثناء الليل ليس آمنًا ويحمل كثيرًا من الخطر. لٰكن إجابة السيد المسيح جاءت: “«أعطوهم أنتم ليأكلوا»”! وقعت إجابة السيد المسيح على آذان التلاميذ غريبة بل مستحيلة!! فكل المتاح الذي وجدوه كان مع صبيّ يحمل خمسة أرغفة وسمكتين!! وما تلك إزاء إشباع آلاف!!!
• حُلول بشرية: أمام إجابة السيد المسيح لم يجد التلاميذ سوى أن يصرحوا بما رأَوه من حل: “نذهب ونبتاع طعامًا لهٰذا الشعب كله”!! الذي يُعد مشكلة أخرى تؤْرقهم!! إذ: من أين لهم بمال يكفي طعام ذاك الشعب كله وهو على أقل تقدير: “نحو خمسة آلاف رجل”، علاوة على أسرهم من النساء والأطفال؟!!
• الله لديه حلول أخرى: أمام اعتراف التلاميذ بعجزهم، أتتهم إجابة السيد المسيح سريعة وحاسمة: “أتكئوهم فِرَقًا خمسين خمسين”. أطاع التلاميذ في تسليم كامل وأجلسوا الجميع. أمّا الرب: “فأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع نظره نحو السماء وباركهن، ثم كسَّر وأعطى التلاميذ ليقدموا للجمع. فأكلوا وشبِعوا جميعًا. ثم رفع ما فضل عنهم من الكسر اثنتا عشرة قُفة.”!!! نعم، فالله لديه حلول لجميع أمورك، ويعرف جيدًا ما تحتاجه وما تعانيه وحُدود قدارتك. نعم: فهو “إلٰه المستحيل”. نعم، جميع الأمور بيده وحده: فهو “الله المحب الطيب” الذي يعمل من أجل خلاصك ويدبر لك الخير، وإن لم تطلب! نعم أنت في يد الله. أتذكر كلمات مثلث الرحمات “البابا شنوده الثالث”: [لا بد أن تعرِف أنك في يد الله، لا في أيدي الناس، ولا الظروف، ولا التجارِب، ولا الأحداث، ولا حتى الشيطان، ولٰكنك في يد الله القوية الحانية، القوية القادرة على الحفظ والرعاية، وتقودك في الطريق. فقط قُل: لتكن مشيئتك.].