القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية: لن نفرط في أي حرف من إيماننا أو عقيدتنا.. الزواج بالبيوت والاعتراف في التليفون «استثناءات» مؤقتة لمواجهة كورونا.. نصلى إلى الله لرفع الوباء
بعد تولى قداسة البابا تواضروس الثانى، البابوية اهتمت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالثورة التى قام بها الإعلام في العصر الحاضر، واختلفت وجهة نظر الكنيسة تجاه الإعلام ووسائل التواصل الحديثة، واعتبرتها هبة وعطية من عند الله، يمكن استخدامها واستخدام أدواتها استخدامًا حسنًا، معلنة من خلالها عن الحق والحرية والعدالة والسلام بين كل البشر حول العالم، كما تستطيع التواصل مع المجتمع من خلالها لأنها جزء أصيل منه.
البوابة نيوز حاورت القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، للكشف عن الكثير من الملفات والقضايا.
فإلى نص الحوار…
ما الدور الذى يؤديه المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وما أهدافه؟
– يسعى المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلى توفير معلومات واضحة ودقيقة بشكل يعكس عمق وقوة وأصالة ووطنية الكنيسة القبطية المصرية وغايتها في التواصل المباشر مع الإعلام بكل شفافية واحترافية.
وتتمثل أهم أهداف المركز في إبراز جمال وعمق ومكانة ووطنية الكنيسة في المجتمع القبطى والمحلى والعالمي، وبناء الوعى وخلق تيار مستنير للشعب القبطى، وإدارة العلاقات المحلية والدولية لضمان تواجد الكنيسة القبطية بصورة فعالة محليا ودوليا، وتوثيق كافة الأحداث التى تتعلق بالكنيسة (كنسية – محلية – عالمية) ووضعها في صورة يسهل الوصول إليها.
ويؤدى المركز دوره من خلال التواصل الجيد والسريع مع مصادر الأخبار داخل الكنيسة، وبناء نظام عمل فعال يتيح التعامل السريع مع أحداث الكنيسة والمجتمع والدولة، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التواصل وتبادل المعلومات، وإدراك التغيرات التى تحدث في الكنيسة والمجتمع.
كيف يتعامل المركز مع التحديات التى يواجهها العالم حاليا في ظل أزمة تفشى وباء كورونا؟
– من خلال بناء الوعى وخلق تيار مستنير للشعب القبطى والمصرى بكل فئاته، فبالنسبة للتحديات الصحية في مواجهة جائحة الكورونا، قام المركز بحملة توعية شملت أكثر من 500 بوست وخبر وميديا على صفحة المتحدث الرسمي، تماشيا مع الجهود المبذولة من الدولة والمنظمات الصحية.
وبالتعاون مع وزارة الموارد المائية والرى قام المركز بحملات توعية في جميع أنحاء مصر من خلال شبكة المنسقين الإعلاميين والقنوات المسيحية القبطية وصفحة المتحدث الرسمي.
كما قدمنا كورسات تدريبية في مجال الإعلام والميديا والتنمية البشرية تؤهل الشباب لمواجهة متطلبات سوق العمل في (التقديم الإذاعى المونتاج صياغة الخبار التصوير الفوتوغرافى الإخراج)، وإنتاج الميديا مثل (أفلام بوستات ترانيم)۔
ونعمل على إبراز الدور الوطنى الذى تقوم به الكنيسة في كل المواقف التى تواجه الوطن من خلال صفحة المتحدث الرسمي.
ما دور المركز في التصدى للشائعات المغرضة التى تستهدف النيل من القيادة الكنسية؟
– نتصدى للشائعات المغرضة عن طريق تكوين شبكة تواصل متكاملة على عدة أصعدة تتيح التأكد من صدق المعلومة وسرعة ودقة نشرها وإتاحتها للجميع، وذلك من خلال إدارة المنسقين الإعلاميين، وأيضا تكوين شبكة من المنسقين الإعلاميين في كل إيبارشيات مصر والمهجر.
كما نعمل على تدريب المنسقين على العمل الإعلامى وصياغة الخبر، وعقد مؤتمرات ولقاءات دوريَّة لمناقشة وتبادل الخبرات في كل ما تواجهه الكنيسة.
كذلك نهتم بالتواصل الدائم بالطرق المتنوعة مع الإعلام، وإجابة أسئلة الصحفيين وإرسال الأخبار عن طريق الإيميل الإلكترونى لـ200صحفى ومعدّ، وعقد المؤتمرات الصحفيَّة وتنظيم اللقاءات الإعلاميَّة، وتنظيم اللقاءات التدريبيَّة لصحفيى الملف القبطي، وتنسيق عمل الإعلاميين مع كنائس وإيبارشيات وأديرة الكرازة المرقسية، وتنسيق العمل مع القنوات المسيحيَّة، وإدارة العلاقات مع أصحاب الفكر.
وأيضًا من خلال إدارة صفحة المتحدث الرسمى للكنيسة عن طريق إصدار البيانات الرسميَّة، وحملات الخبر ورد الكنيسة، ونشر الأخبار.
للكنيسة القبطية الأرثوذكسية تاريخ عريق في العمل الروحى والمجتمعى والوطني، ما أهم محطات ذلك التاريخ؟
– من حيث العمل الوطني، الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعتبر مقوما من مقومات الوطن كما وصفها، عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين حيث قال عنها: هى مجد مصرى قديم، ومقوم من مقومات الوطن المصرى.
فقد كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على مر تاريخها أحد أعمدة المجتمع والدولة المصرية، وظلت الكنيسة على مر العصور وما زالت أحد صمامات الأمان للوطن بالإضافة إلى محافظتها على هويتها القبطية.
وكانت الكنيسة القبطية المصرية دائمًا حاضنة للحراك الشعبى الوطني، فنرى القمص بولس غبريال، راعى كنيسة العذراء بحارة الروم زمن ثورة 1919، يفتح أبواب الكنيسة للثوار الذين منعتهم قوات الاحتلال من دخول الجامع الأزهر لتتحول تلك الكنيسة إلى منبر لثورة الشعب طلبًا للاستقلال.
وفى السنوات القليلة الماضية رأينا قداسة أبينا البابا تواضروس الثانى مع ممثلى الشعب يوم الثالث من يوليو 2013 يقف بجانب الإرادة الشعبية لثورة الملايين في الثلاثين من يونيو.
وفى شهر أكتوبر 1974، نجد قداسة البابا شنودة الثالث أمام عيون الجنود الأبطال وهم يحررون الأرض المحتلة يشد على أيديهم، وبين المصابين في المستشفيات يطمئنهم ويشجعهم، وبعد ذلك بأربعين عامًا رأينا خَلَفُّه، خليفة مرقس الرسول شامخًا وسط جو امتلأ هواؤه برائحة رماد الكنائس المحترقة في الرابع عشر من أغسطس 2013 م حين قال بكل حكمة ووعى باللحظة ومعطياتها عبارة كانت بمثابة صمام أمان مؤكدًا: أن وطنًا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن.
كما لم لم يتوقف قداسة البابا تواضروس خلال رحلاته وزياراته الرعوية إلى مختلف بلدان العالم عن إجلاء الصورة الحقيقة لمصر الوطن، وكانت الكنيسة ممثلة في باباها تدعم وتدفع عجلة التنمية وتقف كتفًا بكتف مع المؤسسات الوطنية لسحب البلاد من على مشارف الفوضى إلى طريق التنمية التى تضمن لمصرنا التقدم والرخاء، فرأينا قداسته في أوائل الصفوف عند افتتاح قناة السويس الجديدة وزيارته لمجراها الملاحي، وكذلك إبرامه اتفاقية التوعية بضرورة الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها۔
ويمتد هذا الأمر إلى النواحى الاقتصادية ومساندة المشروعات القومية وكل أمر يدفع بعجلة الإنتاج ويحقق آمال وطموحات الشعب المصري.
تحدث قداسة البابا تواضروس في عيد الميلاد الماضي، عن أن الكنيسة القبطية تشهد طفرة غير عادية في استخدام التكنولوجيا الحديثة للخدمات المقدمة، فما تفاصيل تلك الطفرة؟
– موضوع خدمة المحتاجين (إخوة الرب) صار منظما للغاية على مستوى جميع إيبارشيات مصر وتربطهم شبكة تواصل كاملة۔
ويولى قداسة البابا هذه الخدمة اهتماما كبيرا وخاصا ويتابع تفاصيلها بنفسه وعين لها سكرتيرا لهذه الخدمة وأيضا يلتقى بالقائمين على هذه الخدمة اكليروس وخدام دوريا لمتابعة الخدمة.
ماذا عن الخطوات التى اتخذتها الكنيسة بشأن مواجهة فيروس كورونا، ومنها الاعتراف من على بعد من خلال التليفون أو الاستثناء التى اتخذ بشأن سر الزيجة وأصبح متاحا أن يكون في المنازل؟
– السيد المسيح له المجد علمنا أن الوصية في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة الوصية وقال ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ.” (مر 2: 27)
والحقيقة أن الكنيسة القبطية كنيسة عريقة عمرها 2000 سنة منذ نشأة المسيحية على يد كاروزها مارمرقس الرسول وهى كنيسة حافظت على إيمانها القويم وعقائدها وأيضا عبادتها وطقوسها بصورة يشهد لها العالم.
ولم تحيد عن تعاليم آبائها منذ عصر الرسل قيد أنملة، ولكن حين تأتى ظروف قهرية واستثنائية تمر بها مصر والعالم كله فنحن أمام تحد، وأمام هذا التحدى نتمثل بالسيد المسيح، فالمهم الإنسان أيا كان الإنسان بصرف النظر عن جنسه وجنسيته ودينهومعتقده ومذهبه، ومن هنا نفهم كل القرارات الصادرة من الكنيسة.
وأكرر لم ولن نفرط في أى حرف في إيماننا أو عقيدتنا ولكن يمكن أن نطوع الطقس في خدمة الإنسان مثل أن يصير استثناءات مثل الزواج في البيوت أو الاعتراف في التليفون، ولكن هذا لن يدوم لأنه فور انتهاء هذه الظروف سيرجع كل شيء كما كان.
كيف يعمل المجلس الإكليريكى الآن وسط هذه الأزمة وكيف ينظر في الحالات التى تنتظر الأحكام؟
المجلس حاليا في إجازة حتى فتح الكنائس، وذلك حرصا على التباعد الاجتماعي وحفظا على حياة الناس.
ما أبرز ما قدمته الكنيسة الأرثوذكسية في قانون الأحوال الشخصية الموحد؟
– القانون الجديد قدم حلولًا تتفق وأحكام المسيحية للمشكلات الزوجية، مع مراعاة سرعة الفصل فيها التزاما بحكمة قداسة البابا تواضروس الثاني، التى قال فيها: الزمن للرجل حكمة وللمرأة مشكلة.
ماذا عن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها الكنيسة حاليا، من رواتب الكهنة أو الخدام المتفرغين أو الإداريين أو العمال، وهل يمكن أن تتدخل الأديرة لسد حاجة الكنيسة والمجتمع المصرى في هذه الظروف؟
– الوباء لم يؤثر في اقتصاد مصر فقط، بل في العالم كله، وبالتالى أثر على دخول الأفراد، فالكثيرون إما فقدوا وظائفهم أو قلت دخولهم وكانت النتيجة أن أفرادا كانوا يدفعون تبرعات وقل دخلهم فقلت تبرعاتهم، وأفرادا كانوا يدفعون تبرعات صاروا محتاجين وعلى الكنيسة أن تعولهم، وأفرادا كانت الكنيسة تعولهم صاروا أكثر احتياجًا وعلى الكنيسة أن تشبع احتياجاتهم۔ إذا الكنيسة قل دخلها وزادت التزاماتها.
ما الخطة الموضوعة بشأن قرار فتح الكنائس عندما تسمح الدولة بذلك؟
– نتابع بيانات وزارة الصحة وبيانات منظمة الصحة العالمية وكذلك الإجراءات الاحترازية التى تتخذها الدولة لمواجهة وباء كوفيد 19. وفى ضوئها سنتخذ الإجراءات المناسبة التى ترعى شعبنا القبطى وتضمن الأمان للمجمتع المصري، ولن نقبل أن نعرض أى فرد من شعبنا أو من كافة المصريين لأى ضرر، ولأن المرض مجهول فنحن نتعامل بحذر ودراسة متأنية قبل اتخاذ أى قرار، ونصلى إلى الله أن يرفع هذا الوباء سريعا وأن تعود الحياة إلى طبيعتها في كافة الأمور الحياتية.
هل تدعم الكنيسة الدولة المصرية في مواجهة أزمة فيروس كورونا؟
– الكنيسة مؤسسة روحية، إلا أنها غير منعزلة عن المجتمع بل هى خادمة للمجتمع تشاركه آلامه وأفراحه واحتياجاته على قدر استطاعتها.
وأمام هذا الوباء نجد قداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يساهم بمبلغ مالى قدره مليون جنيه في توفير أجهزة التنفس الصناعي، وقام أيضا بالمساهمة بـ1000 قطعة من الملابس الواقية لأبطالنا من الأطقم الطبية حيث إنهم في الخطوط الأمامية لمواجهة الفيروس.
كما أوقف البابا كل الأنشطة الكنسية منعا للتجمعات ثم علق الصلوات أيضا حتى 27 يونيو حفاظا على حياة المصريين جميعا، ويقوم في عظاته بتوعية الشعب حتى يتعاونوا مع وزارة الصحة وإتباع تعليماتها وإرشاداتها بخصوص مواجهة الوباء.
ليس هذا فحسب بل أعطى توجيهات للإيبارشيات بتقديم المساهمات سواء المواد المطهرة أو الكمامات، كل إيبارشية على قدر طاقتها، وقامت الإيبارشيات على مستوى الكرازة في مصر بتقديم التوعية بكل الوسائل المتاحة لديها.
كما ساهمت الكنيسة مع وزارة الصحة برفع درجة الوعى عند المواطنين وقامت بحملة توعية على مستوى الإيبارشيات في جميع أنحاء الجمهورية لحث المواطنين المصريين على إتباع الإجراءات الصحية ومكافحة نشر العدوى۔
ومن الناحية الإعلامية ساهم المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية والقنوات الفضائية المسيحية بدور كبير وفعال حيث تقوم يوميًا بنشر تقرير وزارة الصحة عن المرض بالإضافة إلى تقديم النصائح والإرشادات المختلفة لطرق الوقاية، وكيفية انتقال العدوى، وأماكن تقديم الخدمات الطبية المختلفة.
كما شاركت الكنيسة بقوة في توعية المصريين بطرق الوقاية من المرض، وأماكن تقديم الخدمة الطبية المختلفة، بالإضافة إلى تقديم كبسولات روحية صغيرة وأنشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمسيحيين۔
والحقيقة هذا ليس بجديد على الكنيسة لأنه عبر التاريخ الكنسى كانت الكنيسة في قلب المجتمع تسهم في سد احتياجاته قدر الإمكان.