قال الأب فليكسينوس المحرقي، أحد رهبان دير المحرق بأسيوط، إن الكنيسة القديمة بالدير(كنيسة السيدة العذراء)، هى البيت المهجور الذي عاشت فيه العائلة المقدسة وبقي على مساحته كما هو حتى الآن، مشيرًا إلى أنه يعد أقدم مكان في العالم بنيت فيه كنيسة.
وأوضح أنه عندما تحول هذا البيت في العصر المسيحي المبكر إلى كنيسة، تم صنع التقاسيم والحواجز المناسبة لطقس الكنيسة فتم عمل الشرقية وعلى جانبيها حجرتان الشمالية لملابس الكهنة، دون باب، يفتح على صحن الكنيسة، والجنوبية لخدمة الشماسة، لافتًا إلى أن هيكل الكنيسة تميز بمذبح حجري، وهو المعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر، وهو الحجر الذي جلس عليه السيد المسيح طبقًا للتقليد.
جاء ذلك خلال الاحتفالية التى نظمتها لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ومقررها الدكتور محمد عبد الهادي، لإلقاء الضوء على الأهمية الحضارية والسياحية لرحلة العائلة المقدسة، وذلك بدير المحرق بأسيوط، آخر محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر، وذلك تحت رعاية وزير الثقافة حلمي النمنم، والدكتورة أمل الصبان الأمين العام للمجلس.
ومن جانبه أشار الدكتور محمد عبد الهادي، مقرر لجنة الآثار، إلى أن لجنة الآثار قررت أن تقيم ندوتها الشهرية في صورة احتفالية علمية سياحية برحلة العائلة المقدسة التي قطعت 2000كم ذهابًا وعودة داخل مصر، وقضت أكثر من ثلاث سنوات، وهي رحلة تهم المسيحيين والمسلمين لأهميتها الحضارية، وارتباطها بمواقع باركتها العائلة المقدسة، ولها مكانة خاصة بين أهل مصر.
وقالت الدكتورة شروق عاشور، أستاذ الآثار الإسلامية والمسيحية ورئيس قسم الإرشاد السياحى بأكاديمية المستقبل، إن هناك العديد من المخطوطات عن تلك الرحلة منها بمكتبة الفاتيكان والمكتبة الأهلية بباريس بها مخطوطان يعودان للقرن الرابع الميلادي، ومخطوط بدير المحرق تاريخه 338م، وكتابات الأب يوساب في القرن السادس والسابع الميلادي، وكتابات الأحباش ممن سكنوا دير المحرق في القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين.
وأضافت أن ورقتها البحثية تطرقت لمحطات الرحلة من سيناء حتى دير المحرق، مطالبة بحسن استغلال محطاتها وتنمية المجتمعات المحيطة بها في جبل النطرون، وبه 4 أديرة: دير الأنبا مقار، ودير الأنبا بيشوي، ودير السريان، ودير البراموس، ومنطقة القلايا والبهنسا وجبل الطير والأشمونين بالمنيا، وديروط والقوصية ومير بأسيوط.
وعرض خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان في ورقته البحثية الأهمية الحضارية والأثرية لمحطات رحلة العائلة المقدسة من رفح إلى الفرما بشمال سيناء، مؤكدًا أن الاحتفالية رسالة لكل أهل مصر بضرورة استثمار محطات الرحلة سياحيًا.
وأشاد الدكتورعبد العزيز صلاح، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة وخبير التراث العالمي، بجهود وزارة الآثار في السعي لتسجيل محطات الرحلة كتراث عالمي باليونسكو، وكذلك اشتراك جمعية المحافظة على التراث المصري في جمع المادة العلمية لتوثيق الرحلة، وناشد رهبان الدير بتقديم كل ما لديهم من وثائق خاصة بالرحلة.
وأشارت محاضرة الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم وصيانة الآثار بوزارة الآثار، إلى فترة وجود العائلة المقدسة في مصر وهي 3 سنوات و11 شهرًا، وأكد أن هناك ترميمات خاطئة في بعض الكنائس جار إصلاحها، مطالبًا بعدم وضع أجهزة تكييف في المواقع الأثرية المعرضة للانهيار في الأديرة، وناشد رئيس دير المحرق قداسة الأنبا ساويرس بالدعوة لإنشاء صندوق تدعمه جهات محلية ودولية للمساهمة في وضع خطة لاستثمار محطات طريق العائلة المقدسة.
وتطرق الدكتور علي عبد المطلب، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة القاهرة في ورقته البحثية، للخصائص الجيولوجية للكهوف الكارستية بمنطقة دير مير القريبة من دير المحرق، مطالبًا بضرورة تواجد جيولوجي في كل عمل أثري.