بعد هزيمة داعش بالعراق، بدأت أعمال ترميم دير مار بهنام نينوى، والذى سيطر عليه التنظيم عام 2014، وحطم العديد من الأيقونات والرموز الدينية المسيحية، فى محاولة لاستئصال رموز الوجود المسيحى فى العراق.
ويعد دير القديس ماربهنام بالعراق من أهم الرموز والآثار الروحية للمسيحيين العراقيين، وهو دير للسريان الكاثوليك، يقع بمحافظة نينوى بشمال العراق. يبعد الدير مسافة 14 كيلو مترا جنوب بلدة بخديدا، وحوالى 30 كيلو مترا جنوب شرق الموصل.
يرجع تاريخ الدير إلى القرن الرابع الميلادى، حيث يرتبط بقصة الأمير الآشورى ماربهنام، الذى أصبح مسيحيا مع أخته سارة، وأربعين من اتباعه على يد القديس مار متى السريانى الأرثوذكسى، فلما علم والده الملك سنحاريب بالأمر أمر بقتلهم جميعا. غير أنه ندم ندما شديدا على ذلك، فاعتنق المسيحية، وأمر ببناء الدير تكفيرا عن ذنبه. وتبع الدير منذُ نشأته الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، ومن ثم أصبح بيد السريان الكاثوليك بعد تحول أهالى بلدة بخديدا إلى الكثلكة فى القرن الثامن عشر.
وقد أعيد ترميم الدير وتوسيعه عام 1986، وقبل ظهور تنظيم داعش كان الدير من أهم المراكز الدينية فى العراق، وكان يزوره المسيحيون والمسلمون على حد سواء من أجل التبرك. إلى أن اجتاحته داعش عام 2014. وفى العامين الماضيين، سيطر الإرهابيون على الدير واتخذوه مقرًا لهم، ما سمح لحسن الحظ بأن يبقى الموقع محفوظًا.
مع ذلك، حُطمت كافة الرموز المسيحية، وأزيلت شأنها شأن النقوش السريانية أو الآرامية. وأكد فرج بنوا كامورات، رئيس الأخوّة فى العراق، أن داعش دمّر كل ما يشبه الصليب. حتى وجوه الرهبان والقديسين والحيوانات أزيلت. هكذا، أراد داعش استئصال رموز الوجود المسيحى والتخلص من ماضيه.
وقبل الرحيل، عبثًا حاول المتطرفون الإسلاميون تفجير الدير إذ لم تنفجر العبوات التسعة عشر المُعدة للانفجار. لكن أضرارًا جسيمة لحقت بضريح ماربهنام، الذى يمثّل كل ما تكرهه داعش، أى تكريم القديسين، وكونه مكان حج موحّد. فالقديس العراقى ماربهنام كان مصدر إلهام للمسيحيين على مر القرون، وللإيزيديين والسنّة الذين لا يزالون يكرمونه.
حاليًا، لا تزال كنيسة الدير قائمة. وعلى بعد 50 مترًا منها، يوجد ضريح ماربهنام المتضرر بشدة.
ومؤخرا ينشغل حوالى 20 عاملًا عراقيًا، من المسلمين والمسيحيين بإفراغ الضريح من الحطام المؤلف من بقايا تماثيل وصلبان وغيرها. ويعملون على ترميم القبة. وفى الوقت الراهن، يبقى الضريح من دون سقف. بالنسبة إلى أفراد الجماعة المسيحية، لا تزال الطريق طويلة. ينبغى عليهم إعادة تقليد الحج القديم وإعادة الوحدة الرمزية للسكان المحيطين بهذا الضريح المقدس.