أقيمت مساء اليوم بكنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، عظة قداسة البابا تواضروس الثاني باجتماع الأربعاء الأسبوعي.
دار موضوع العظة حول تأملات في سفر يشوع ابن سيراخ “لا تكن ثرثارًا “.
+ “لا تكن ثرثارًا”… عظة الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني.
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحل علينا رحمته ونعمته من الأن وإلى الأبد آمين.
بدأنا من الأسبوع الماضي نتأمل في سفر يشوع بن سيراخ(سفر حكمة يشوع بن سيراخ) وعاش يشوع في أورشليم قبل الميلاد بحوالي ٣٠٠ عام و كتب هذا السفر هو أحد الأسفار القانونية الثانية والسفر ٥١ أصحاح مكون من جزئين: الجزء الأول من أصحاح (١-٢٣) والثاني (٢٤-٥٠) يبدأ الجزئين بتمجيد لحكمة الكلام، أكثر فعل نستخدمه يوميًا هو الكلام، الإنسان (يتكلم ويسمع ويقرأ ويكتب) وهم الأفعال الأكثر استخدامًا في كل يوم ويستخدم الإنسان هذه الأفعال بمعدل ٨ ساعات يوميًا، الأصحاح الأخير هو نشيد وصلاة من أجل طلب الخدمة، ويتميز السفر بوجود كلمة “لا” الناهية وتتكرر فيه أكثر من ١٥٠ مرة، وهو عبارة عن مجموعة من الوصايا التي تخص السلوك وهو شبيه بالوصايا العشر، والوصايا الموجوده في السفر تتكلم في موضوعات مختلفة،تكلمنا الأسبوع الماضي على “لاتكن قاسيًا” وذكرت مجموعة من الآيات التي ذكرها يشوع بن سيراخ، اليوم سوف أتكلم عن “لا تكن ثرثارًا” الكلام الكثير ولأن فعل الكلام أكثر فعل نستخدمه كل يوم والكلام أمر سهل بالنسبة للإنسان، ويشوع بن سيراخ في حكمته يقدم لنا ٧ دروس عن طبيعة الكلام الذي نمارسه يمكن أن يستفيد منها كل إنسان في هذا الموضوع و الأصحاح الثالث في رسالة يعقوب الذي يتكلم عن اللسان ويقول بعض التعابير القوية جدًا يقول: “اللسان نار”،”عالم الأثم”، الخطايا التي يمكن أن يرتكبها اللسان أكثر من ١١١ خطية برغم أنه عضو صغير جدًا ويشبهه باللجام الذي يوجد في فم الخيل ويشبهه بالدفة التي تقود السفينة، ويقول عنه “هو شرًا لا يضبط” ولذلك في التاريخ الرهباني هناك آباء كثيرين عاشوا في تداريب الصمت وكانت هناك أديرة صامته تمامًا وغير مسموح بالكلام إلا فترات قصيرة وكلنا نحب العبارة التي قالها القديس أرسانيوس “كثيرًا ما تكلمت وندمت وأما عن صمتي فلم أندم قط” وهو كان معلم أولاد الملوك، الكلمة يمكن أن تكون خطيرة على الإنسان وهناك عبارة جميلة “كلامك كالعطور أو كالصخور”
الدرس الأول: “لا تكثر الكلام دون داعي”
ويقول لنا عبارة جميلة الاصحاح٧: ١٨ ” لاَ تُكْثِرِ الْكَلاَمَ فِي جَمَاعَةِ الشُّيُوخِ، وَلاَ تُكَرِّرِ الأَلْفَاظَ فِي صَلاَتِكَ ” واقتبسها السيد المسيح في العهد الجديد “وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلًا كَالأُمَمِ ” في العظة على الجبل، وبما أن السيد المسيح اقتبس من هذا السفر فيكون السفر قانوني لأن هناك من يشكك في قانونية السفر ولكن يكفي هذا دلاله على قانونية السفر ، “لا تكثر الكلام دون داعي” لأن كثرة الكلام توقع الإنسان في الخطية ولا يستطيع الرجوع.
الدرس الثاني: “لاتتسرع في الكلام”
ويقول لنا في أصحاح ٣٢ ” لاَ تُطْلِقْ كَلاَمَكَ عِنْدَ السَّمَاعِ، وَلاَ تَأْتِ بِالْحِكْمَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ” لأنك لو تسرعت في الكلام ستكون النتيجة أنك تغلط وسوف يكون هناك ندم ولا تستطيع الرجوع، لا تتسرع في الكلام وأجعل كلامك بحساب، من العادات الرديئة أن تقاطع الذي يتكلم معك، الشطارة أن يفهم الإنسان الذي أمامه ماذا يقول، أجعل كلامك بحكمة، ويقول ” لاَ تَمْدَحْ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ بِهذَا يُمْتَحَنُ النَّاسُ ” في الفلسفة اليونانيةالقديمة قول “تكلم حتى أراك” وقيلت لبطرس “لغتك تظهرك” وهذا شيء هام…هو كيف أن يكون الإنسان حكيمًا في كلامه ولا يتسرع في الكلام.
الدرس الثالث: لا تكن نمامًا”
يقول:” لاَ تُدْعَ نَمَّامًا، وَلاَ تَخْتُلْ بِلِسَانِكَ ” النم دائمًا يكون مع المراوغة، النميمة أحد امراض الكلام، أجعل دائمًا كلامك واضح وابعد عن الخديعة والمراوغة والإنسان الذي يعيش في خطية النم والمراوغة لا يثق به أحد ومثل هذا الشخص لا يرضي الله ” وَأَمَّا اللِّسَانُ هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا ” النم والمراوغة هم سموم في اللسان، نحن في نهاية العام والشهر الأخير يذكرنا بنهاية العمر ولذلك فكر هل هذه الضعفات موجودة عندك؟؟ فكر كيف تتخلص منها؟؟ وهنا يقدمها لنا كالوصية ” لاَ تُدْعَ نَمَّامًا ” اوعى يكون فيك هذه الصفة ” جْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ ” انتبه لنفسك وأحيانًا تكون عند الإنسان رغبة شريرة أن يتكلم على غيرة وينقل كلام الأخرين وقد يفعله وهو لا يدري، انتبه لنفسك لاَ تُدْعَ نَمَّامًا.
الدرس الرابع: “لاتكن كذابًا”
يقول” لاَ تَفْتَرِ الْكَذِبَ عَلَى أَخِيكَ، وَلاَ تَخْتَلِقْهُ عَلَى صَدِيقِكَ ولا تتبع أن تكذب بشيءفأن تعود الكذب ليس للخير” الكذب أن تفتري على الأخر والأفتراء شيء صعب وتدخل تحت وصية “لاتقتل” هناك من ينقل الكلام و أحيانًا دون أن يتاكد، انتبه… لخطية الكذب لأنه من أكثر خطايا الكلام شهرة ونتذكر حنانيا وسفيرة وكذبهم على الروح القدس والكذبه لا يدخلوا ملكوت السموات ” وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي ” وكان السيد المسيح يبدأ كلامة بكلمة “الحق الحق أقول لكم” انتبه… لأن اللسان ينسج الأكاذيب، ومن التحديات الموجودة في مصر كثرة الأشاعات وقامت الدولة بعمل أجهزة للرد على الأشاعات، شيء خطير أن يعيش الإنسان في عالم الكذب انتبه… لنفسك لا تكن كذابًا.
الدرس الخامس: “لا تكن مهزارًا”
مهزارًا هو الشخص الدائم السخرية وهناك إنسان لطيف ولكن هناك من يعيش بالسخرية ” لاَ تُخَاصِمِ الْفَتِيقَ (المجادل) اللِّسَانِ، وَلاَ تَجْمَعْ عَلَى نَارِهِ حَطَبًا لاَ تُمَازِحِ النَّاقِصَ الأَدَبِ، لِئَلاَّ يُهِينَ أَسْلاَفَكَ ” يحذرنا مع كثير الهزار والسخرية انتبه!!!
الدرس السادس: “لا تحلف”
” لاَ تُعَوِّدْ فَاكَ الْحَلِفَ، وَلاَ تأْلَفَ تَسْمِيَةَ الْقُدُّوسِ ” وكما قال لنا السيد المسيحوَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ” من أهم الأمور في حياة الإنسان أن تكون حياته وحديثه مستقيمه، وكلمة أرثوذكسي تعني مستقيمًا، وكل يوم نصلي ” قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. و”لاَ تأْلَفَ تَسْمِيَةَ الْقُدُّوسِ” انتبه لا تحلف.
الدرس السابع: “لاتشتم” لسانك لا يخرج لفظ غير لائق وأيضًا الكلمات الحادة، انتبه لأنه يمكن أن الكلمة التي تقولها تكون جارحه، “الكلام كالرصاص”، ” لاَ تُعَوِّدْ فَاكَ فُحْشَ الْكَلاَمِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ لاَ يَخْلُو مِنْ خَطِيئَةٍ ” ” اَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ ” اجعل كلامك نقي وحلو ومشجع وتبني الذي أمامك بكلامك، ونحن في نهاية السنة راجع نفسك وحياتك، كيف تقابل الله وفيك هذه الخطايا؟!!! راجع نفسك وحياتك ولا تكن ثرثارًا واقرأ في سفر يشوع سوف تجد كلمات الحكمة التي تبدأ بلا كثيرة جدًا، وهو يقدم لنا صورة يراجع بها الإنسان نفسه وتكون حياته حياة ناجحة.لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين