صلي قداسة البابا تواضروس الثاني القداس الإلهي اليوم بكنيسة التجلي بمركز لوجوس بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وشاركه الآباء الكهنة الجدد الذين تمت سيامتهم خلال فترة الصوم الأربعيني الحالي وعددهم ٤٥ كاهن. هذا وقد افتتح قداسة البابا عقب القداس، المؤتمر الدراسي للآباء الجدد بمحاضرة حملت عنوان “أسس الحياة الروحية” بينما يتولى معهد التنمية والادارة بقيادة الدكتور مجدي لطيف السندي إلقاء بقية محاضرات المؤتمر الذي يمتد لأربعة أيام، خلال الفترة من ٤ وحتى ٨ أبريل الجاري.
** محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني محاضرة افتتاحية ضمن فعاليات البرنامج التدريبى الذى يعقده المعهد القبطى للتدبير الكنسى والتنمية ، وذلك ضمن فعاليات اليوم الأول الخميس الموافق ٤ أبريل.
استهل قداسة البابا افتتاحية المحاضرة بقراءة رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيلبي (٣ : ٧) ثم أوضح مفهوم”التدبير الكنسي والإدارة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأهمية تطبيق ذلك المفهوم بالكنائس. ثم طرح قداسة البابا أسس الحياة الروحية وهى “الفكر” و “السلوك” إذ أن الحياة الروحية لا تعني فقط الصوم والصلاة. ثم استعرض قداسة البابا مبادئ الفكر الروحي الثلاثة وهي: التوازن، الصورة، المبادئ.
أولًا: التوازن: إذ خلق الله الإنسان متوازنًا عاقلًا عاملًا: عاقلًا: فإذا كان العقل زينة وإذا كان عقل الإنسان كائن في قمة الجسد، فذلك كي يكون منارة للطريق لذا من هذا العقل خرجت كافة المخترعات والاكتشافات.
عاملًا: إذ أن الإنسان له يدان تعملان بالأصابع الخمسة لذا فهى مصدر “القوة” ، وفي تعريف الرقم (٥) إشارة إلى “القوة” لذا فإن اتحاد الكهنة المختلفين في ثقافتهم واهتماماتهم وطبيعة تنشئتهم..إلخ ، إلا أنهم يشكلون قوة بالكنيسة، (العقل + اليد = الإبداع)، كما أن الله خلق القلب للإنسان ليصبح المحطة التي يتقابل فيها الله مع الإنسان بمفرده ليتحدث فى مخدعه. على سبيل المثال: اليوم الذي يقضيه الراهب ينقسم إلى ساعة صلاة (عبادة) ، ساعة عمل (العمل)، ساعة قراءة(العقل).
ثم أكد قداسة البابا على توازن المسيحية الأرثوذكسية التي لا تقتصر على القراءة في مجال واحد أو لمؤلف واحد أو كاتب واحد. ثانيًا: الصورة: إن الفرق بين الفكر الأرثوذكسى والفكر غير الأرثوذكسى أن الفكر الأرثوذكسى تتشكل فيه صورة كاملة تجمع بين ثلاث: الله والكنيسة وأنا، إذ نحصل على نعمة الله من الكنيسة ( الاعتراف والتناول ..إلخ). أما الفكر غير الارثوذكسى : يركز على طرفين فقط هما “أنا والله” أى أن الشفيع الذى يشكل الخيط الرفيع بين الإنسان على الأرض والسماء (مثال السيدة العذراء مريم والقديسين) غير موجودة بالصورة. بينما إله يعطى النعمة أولًا للإنسان، والكنيسة تقيم الاسرار ويتسلمها الانسان من خلال قنوات النعمة.
ثالثًا: المبادئ: مبادئ الحياة الروحية بالفكر الأرثوذكسي هي: مبدأ الاستقرار: “قليل دائم خير من كثير متقطع” ، فإذا كانت الصلاة قصيرة ولكنها منتظمة يومية يومية “النمو مستمر” فإن هذا أفضل كثيرًا من صلاة طويلة غير منتظمة أو يومية.
مبدأ الاعتدال: أي عدم التطرف يمينًا أو يسارًا في الحياة الروحية، مثلًا التشدد في الحرمان من التناول لشخص لم يحضر الصلاة منذ بدايتها أو لم يحضر قراءة الإنجيل، من الأفضل للأب الكاهن اتباع الطريق الوسطي التي خلصت كثيرين “سهل لنا طريق التقوى”. كما أن التماس العذر أفضل كثيرًا “أبوة الحب”.
التلمذة: نحتاج إلى التعلم طوال الوقت “الذين بلا مرشد كأوراق الخريف تسقط سريعا”.
وطرح قداسة البابا مفهومًا رائعًا وهو “التعلم بالالتقاط” أى التقاط معلومة صغيرة أو حكمة أو من طفل صغير أو من وسائل الإعلام المقبولة. ثانيًا: السلوك في الحياة الروحية تحدث قداسة البابا عن مراحل السلوك في الحياة الروحية وهي: ١-البذرة: أي عمل روحي ينجم عن رغبة في التعلم (ألحان أو لغة..إلخ) ٢- نمو النبات: أي بداية العمل ٣- السنبلة: كمال العمل من سلبيات الخدمة عدم التشجيع.
مشجعات السلوك الروحي: ١- الاستعانة برفيق طوال الطريق (أب الاعتراف، المرشد الروحي، الأب، الأم ..إلخ) لذا نصح قداسة البابا بضرورة الالتقاء بأب الاعتراف باستمرار
٢- تصميم برنامج روحي: حتى لو كان صلاة “أبانا الذي ” بصورة يومية أو حضور قداس واحد مرة واحدة أسبوعيًا بصورة منتظمة، أو دراسة سفر من أسفار الكتاب المقدس.
٣- الوسط الذى يتعامل فيها الأب الكاهن: من الضرورة بمكان إبعاد الشخص عن الوسط السيئ. والتقرب من الأصدقاء بالوسط الجيد.
ثالثًا: المعوقات التي تواجه الحياة الروحية: “الاكتفاء”: وهى صورة من صور الكبرياء وإعلاء الذات إذ يشعر الشخص أنه لا يريد مزيدًا من العلم والتعلم الذي يجب تجنب مواجهته بالاتضاع كي لا تغيب النعمة.
الشكليات: الوظيفة الأساسية للكاهن هي الصلاة من القلب وأن يكون الجوهر القلبي هو العمل الظاهر أيضًا.
حسد الشيطان: يتمثل فى عدم الخضوع في الأساس بالنسبة للكهنة. الخضوع هو التاج “إكليل الكاهن” أي مصباح بلا نور وأي مسيحى بلا حب. البهاء (النقاوة الداخلية+اللمعان) وهذا ما يجب أن يتسم به الكاهن فى السلوك والكلام والعمل.
قدم قداسة البابا مجموعة من النصائح للآباء الكهنة الجدد منها : عدم قبول اعترافات قبل مرور عام على السيامة لأنه سيتعامل مع النفس والضعفات والمشكلات وهذا يستلزم اكتساب درجة عالية جدًا من الحيادية والحذر. أن تكون الزيارات المنزلية على أساس الاطمئنان على كل فرد من أفراد الأسرة (من حيث التعليم والعمل والمرض والسفر والدراسة ) ثم قراءة مزمور من المزامير السهلة البسيطة والعميقة في ذات الوقت ثم يختم بصلاة قصيرة ثم يوزع هدية بسيطة عبارة عن نبذة أو كتاب إذا كان أفراد الأسرة متعلمين أما إذا كانوا من الفئة البسيطة غير المتعلمة فمن الملائم توزيع صور أو أيقونة…إلخ مع ضرورة التأكد من وجود كتاب مقدس بالمنزل. إذا طلب أحد أفراد الأسرة الاعتراف خلال العام الأول من السيامة فمن الممكن أن يقوم الأب الكاهن الجديد بهذا الدور باعتدال.
ثم طرح البابا استفسارًا عن أية أسئلة يود الآباء الكهنة الجدد توجيهها ، وقد سأل بعض الآباء الكهنة الأسئلة التالية: كيف يتهيأ الأب الكاهن للقداس إذا كان متعبًا من شئ ما؟ أجاب قداسة البابا: كلنا معرض للضعف والتعب ولكن القداس التزام ، ومن الضرورى قضاء فترة خلوة والاعتراف وذلك لتجديد الروح.
س: كيف يجمع الأب الكاهن بين البشاشة على الرغم من الهموم المثقل بها؟ قداسة البابا: تلك أهم التحديات التي يواجهها الأب الكاهن كما هو الحال مع زوجات الكهنة أيضًا. وهذا يتطلب نعمة، عليه أن يطلبها دائمًا في صلواته الخاصة.
س: عدم وجود خبرة لدى الأب الكاهن سابقة فماذا يفعل الأب الكاهن إذا أخطأ حتى لا يفقد سلامه؟ أجاب قداسة البابا: أن يتعامل على أنه ما زال صغيرًا سيتعلم دائمًا. هل يقبل الأب الكاهن الجديد الاعتراف إذا كان هو الوحيد بالكنيسة ولا يوجد آباء كهنة آخرون معه؟ قداسة البابا: من الممكن قبول الاعتراف ولكن لأن إرشاد البشر ليس سهلًا، لذا استثنينا الأب الكاهن الذي لا يوجد معه آباء آخرون بالكنيسة وعليه أخذ الاعترافات بتعقل مع القراءة المستمرة.
ثم اختتم قداسة البابا كلمته بتوجيه اهتمام الحضور للمشاركة بفعاليات البرنامج التدريبى الذي يعقده المعهد القبطى للتدبير الكنسى والتنمية لما له من أثر فعال فى اكتساب مفاهيم ممارسة أنشطة تدريبية هامة للخدمة بالكنيسة.