«أخبار اليوم» تعيش مغامرة مثيرة مهمة سرية في بيت العائلة المصرية
بيت العائلة المصرية.. الذي يضم ممثلين عن الأزهر الشريف وكل الطوائف المسيحية في مصر.. لا يعلم كثيرون ماذا يجري داخله؟!.. قصص مثيرة عشناها مع أبناء هذا البيت من شيوخ وقساوسة لمدة ٣ أيام، هي امتداد لتجربة فريدة عمرها عامان، اقترب خلالها، علماء ورجال الدين من بعضهم شيئاً فشيئاً، حتي وصل ذروته في الأيام القليلة الماضية، بأن يقيم ٣٥ شيخاً وداعية، مع ٣٥ رجل دين مسيحيا في مكان واحد، بل وفي غرفة واحدة أحياناً.. يتحدثون ويأكلون ويشربون سوياً، ويتناقشون في أمور الدين والدنيا وهموم الوطن.. تلك التجربة الثرية كان ورائها رجال كبار من طراز فريد، في صدارتهم د.محمود حمدي زقزوق الأمين العام لبيت العائلة المصرية، ونيافة الأنبا إرميا الأمين العام المساعد، ونيافة المطران د.منير حنا أنيس رئيس الكنيسة الأسقفية التي استضافت اللقاءات وهو أيضاً عضو مجلس بيت العائلة.
«أخبار اليوم» عاشت التفاصيل المثيرة لهذا التجمع من علماء ورجال الدين والتقطت المفارقات الطريفة التي وقعت بينهم، وسمعت كل أسرار الحوارات وخفايا المواقف طوال الأيام الثلاثة التي استغرقتها ورشة العمل التي كللت عمل عامين كاملين.. خمس شخصيات فقط كانوا يعلمون طبيعة المهمة التي تقوم بها «أخبار اليوم» في بيت العائلة.. هم د.زقزوق ونيافة الأنبا إرميا ود.منير حنا ود.محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ السيد النجار رئيس التحرير وذلك حرصاً منا علي التلقائية في تصرفات الجميع وضمان عدم التكلف أو التحفظ.. حتي عندما قام الزميل الفنان أحمد نصر بتصوير لقطاته في الموضوع.. كان الجميع يعتقد أنه مصور «بيت العائلة» وليس مصور أخبار اليوم الصحفي!!
إنها كذبة بيضاء من «النوع الحلال»، حتي يخرج لنا هذا التحقيق الصحفي حاملاً لكل معاني الصدق والموضوعية وبنفس الروح التي كتبناه بها:
الأزهر الشريف والكنيسة القبطية في رحلة
الألف ميل لتصحيح الخطاب الديني
جاءت فكرة تبادل العلاقات بين الأئمة والقساوسة، عندما فكرنا داخل بيت العائلة المصرية في مشروع ما من أجل مصر، بحيث يؤدي لمبادرات من شأنها تدعيم الوحدة الوطنية.. هكذا يروي لنا نيافة الأنبا إرميا كيف نبتت فكرة “تجمع” هذا العدد من الشيوخ والقساوسة في مكان واحد لعدة أيام، بل وإقامة بعضهم البعض سوياً وبنفس الغرفة!!.
ولم نتصور في البداية هذا النجاح مطلقاً، إلي أن وصلنا لهذا المستوي الرفيع من الاندماج التدريجي بينهم الذي تم باختيارهم وبمحض إرادتهم ما يؤكد قوة ومتانة القيم والمحبة التي تجمع سبيكة هذا الوطن.
ويضيف مؤكداً: أن ما شهدناه من فعاليات وأنشطة هنا طوال الأيام الثلاثة الأخيرة من برنامج عمره عامان، ما هو إلا تتويج لجهد كبير شارك فيه كل أبناء بيت العائلة المصرية، وأنفقت عليه الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال افريقيا والقرن الافريقي.
بعد هذا اللقاء مع نيافة الأنبا إرميا .. توجهت ومعي حقيبتي الصغيرة إلي المكان المحدد لتجمع الشيوخ مع رجال الدين المسيحي من جميع الطوائف الأرثوذكس والكاثوليك والانجيليين، علمت أن عددهم جميعاً ٧٠ نصفهم من المسلمين والنصف الآخر من المسيحيين، وللوهلة الأولي لاحظت أنهم يعرفون بعضهم جيداً، وكلما وصل أحدهم تهلل لقدومه الجميع إلي أن اكتمل الجمع وجاء الاتوبيسان المخصصان لنقل المجموعة لأحد فنادق الدقي.
مفارقات الفندق
في بهو الفندق.. حدثت عدة مفارقات منها أن طلب الجميع أداء الصلوات، ثم بدأت عملية توزيع الغرف التي كانت كلها «دوبل» بمعني أن كل حجرة بها نزيلان، وترك خلالها للجميع حرية إختيار الزميل الذي يقيم معه، فاختار البعض مرافقة إبن قريته أو مدينته مثلما حدث بين الشيخ عبدالرحمن والأب سوريال من الاسماعيلية، واختار البعض الاقامة مع زميل دراسته كما حدث من بعض الشيوخ أو القساوسة، وتم كل شئ سريعا وحان وقت الانتقال لمكان إنعقاد ورشة العمل بالكنيسة الاسقفية بحي الزمالك. هناك وجدنا جمعا من كبار بيت العائلة في انتظار الدعاة ورجال الدين من بينهم نيافة الأنبا إرميا والمطران د. منير حنا أنيس عضو مجلس بيت العائلة عن الكنيسة الاسقفية، ود.محيي الدين عفيفي مقرر لجنة الخطاب الديني، والقمص بطرس بطرس بسطاروس المقرر المساعد للجنة. وعندما اتخذ الجميع أماكنهم في القاعة الكبري للكنيسة الاسقفية، وقف المطران د.منير حنا يعلن إبتداء ورشة العمل بدقيقة حداد علي شهداء مصر في سيناء من ضحايا الارهاب، وكان مشهدا مهيبا في القاعة التي ضمت هذا العدد من علماء ورجال الدين باختلاف زيهم.
وقال المطران د.منير: مرت بلادنا بظروف صعبة طوال السنوات القليلة الماضية نشط فيها الارهاب الأسود.. ومن هنا يأتي الدور الكبير للأئمة والدعاة والآباء القساوسة في التصدي لهذه الافكار المندسة بالتوازي مع المواجهات التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة في حماية أمن المصريين.
من ناحيته أكد نيافة الأنبا إرميا الاسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي إن دور بيت العائلة المصرية وجميع أعضائه ليس حل المشاكل الوقتية، بل أن دوره أعمق من ذلك بكثير وأبعد تأثيرا، لأن مهمته الأساسية هي تعديل الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم من خلال برنامج وضعناه عنوانه «تعارفوا – تعايشوا – تعاونوا- واعملوا» بهدف خدمة بلادنا مصر أرض الحكمة التي قدمت للعالم كله وللإنسانية جميعها معني الحضارة.
ومن ناحيته ركز د.محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ومقرر لجنة الخطاب الديني ببيت العائلة المصرية علي أهمية الورشة موضحا أنها تأتي في ظروف فارقة ودقيقة، وتعطي فرصة لطرح القضايا المهمة المتعلقة بما يشغل المواطن العادي سواء كان مسلما أو مسيحيا من خلال توجيه الخطاب الديني المناسب، مشددا علي الاهتمام بالعمل الميداني للعلماء ولرجال الدين في أنحاء الوطن حتي الوصول إلي الكفور و النجوع البعيدة عن عواصم المحافظات والمدن الكبري.
واضاف القمص بطرس بطرس بسطاروس المقرر المساعد للجنة أن نجاح فكرة اللقاء يؤكد أهمية الاستمرار فيها بل وتطويرها للأفضل، وأن النزول للشارع معا وبإستمرار لهو أمر في غاية الأهمية وقد لمس الجميع ذلك لدرجة أن الناس بالشوارع عندما رأتنا معا إعتقدت أن هناك فيلما سينمائيا يتم تصويره وليس أبناء بيت العائلة المصرية.
أدوار رجل الدين
خلال الأيام التالية.. تدرب الشيوخ والقساوسة علي عدة مهارات تعينهم علي محاربة الفقر في مناطقهم، إضافة إلي اقتراح برامج تنموية عليهم في مجالات محو الأمية والتخلص من النفايات ومحاربة العنف والتدريب التحويلي، وضرورة التوعية الصحية للأهالي هناك، وعلي كيفية تنظيم القوافل الطيبة.. وفي هذا الخصوص تم إستعراض عدة تجارب ناجحة منها بنك الطعام ومستشفي هرمل بالمنوفية ومؤسسة مصر الخير برئاسة د. علي جمعة مفتي الجمهورية السابق الذي إلتقي بالمجموعة مساء اليوم الثاني مؤكدا علي الاهتمام بالإدارة بإعتبارها مفتاح تقدم الامم وانها السر وراء القفزات التي شهدتها بعض دول شرق اسيا ومنها الهند.
وفي النهاية.. أكد المشاركون ان فكرة المشروع جديدة ومبتكرة للغاية ولذلك فإن عقد هذه اللقاءات داخل كل محافظة في غاية الأهمية لانها خطوة واثقة علي طريق الالف ميل، قطع فيه بيت العائلة شوطا كبيرا وناجحا.