قدمت في المقالة السابقة رسالة وصلتني، وكانت موجَّهة في العموم إلى البشر الذين يعيشون في هٰذا العالم؛ وأجد في هٰذه الرسالة بعض النقاط:
• كان هدف الرسالة أن “المحبة والسلام” هما الطريق إلى الحياة، هٰذا إن كان ينقب سكان الأرض عنها، فيقول كاتبها: “رسالتي إلى العالم: لا طريق لك يُنقذك إلا المحبة والسلام، ومن دونهما لن توجَد أبدًا.”. وربما أكون تحدثت من قبل عن السلام. إلا أنني هنا أود تأكيد أهمية: أن “لا حياة حقيقية دون السلام”، وأن رسالة الإنسان في الحياة: أن يحفظ الأرض، ويبني ويعمر، ويقدم الخير، إلى أن يعبر ذٰلك الجسر الذي يوصل الحياة الزمنية إلى الحياة اللانهائية؛ ليَنعَم بثمار ما قدمه من تعب وعمل وخير وإيمان في الحياة. وهنا أتساءل: أيمكن أن يقوم كلٌّ منا برسالته التي خُلق من أجلها، في دائرة من الصراعات والحروب؟! ولا أقصد هنا الحروب المعتادة بين الأمم فقط، بل كل ما يمكنه أن يدمر الإنسان جسديًّا، أو نفسيًّا، أو روحيًّا. إن السلام هو طريق، على الإنسانية أن ترتاده من أجل خيرها؛ وبذٰلك فهو قرار يختار فيه البشر أن يسلكوا وَفقًا له، أو يتنحَّوا عنه!! إلا أن نتائج ذٰلك القرار يتحملها الجميع، متضمنًا كوكب الأرض بأجمعه!!
لا سلام في ظل مشاعر الكراهية أو الحقد؛ أفتُثمر الأشواك كرومًا؟! إن السلام لا يثمر ولا يزدهر إلا بالمحبة وبالود وبالرحمة وهي سمات جوهرية ـ ويا لبالغ الأسف! ـ بدأت تختفي رويدًا رويدًا من عالمنا، ولن تجد البشرية إلا مخاطر جسامًا تُحيق بها؛ لأنه إن لم يكُن بناء فحتمًا هدم، وإن اختفت المحبة فإن الكراهية تندس بكل ما تحمل من دمار، وإن تاهت من البشرية دُروب الرحمة فلا بديل سوى القسوة!! وهٰذا هو قرار كل إنسان وخِياره الذي سيُسأل ويحاسَب عنه. وأتذكر كلمات الزعيم “مانديلا” عن المحبة: “لا أحد يولَد وهو يكره الآخر بسبب لون بشرته أو خلفيته أو دينه … فإن الناس تتعلم الكراهية … وإن كانوا قد تعلموا الكراهية، فمن الممكن أن يعلَّموا الحب … فالحب أقرب إلى الطبيعة الإنسانية من الكره.”. علينا أن نُدرك أن الحياة هي مرحلة زمنية وُهبت لكل إنسان، وعليه اختيار الطريق الذي يرغب في اتخاذه؛ وهي قصيرة جدًّا، مهما طالت! لا تحتمل أن يفقد الإنسان لحظاتها في مشاعر سلبية لا تعرِف إلا الهدم، ولن يتبقى منها إلا ما قدمتَه أنت من خير بفعلك وكلماتك وأفكارك؛ أيضًا فيها لا يتسع الوقت لـ … وللحديث بقية …
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ