وفى رحلة الحياة، يبحث الإنسان عن مصدر القوة. ولا بد أن تكون قويًّا حتى تستطيع أن تجتاز الحياة بنجاح؛ فالضعفاء لا يستطيعون الاستمرار، وإنما تحركهم الريح حيثما شاءت، أو تعصف بهم أمواج الزمن، وتكسِرهم عواصف الحياة، وربما يتهاوَون ولا يعودون كما كانوا. لذا، أيها القارئ العزيز، كُن قويًّا.
كُن قويًّا فى تحملك لكل ما تقابله فى الحياة من صعاب وخبرات مؤلمة وتجارب شديدة؛ فالضيقات إنما وُضعت لتشدد من أزرك، استخدمها لمنفعتك، ولتقوية أعماقك. ولا تجعل مشاعر الضيق والألم والفشل تحطمك، وإنما حطِّمها أنت أمام صلابة إيمانك، وصبرك واحتمالك. قيل: “لا تدَع مشكلة أو أمرًا ما، مهما بدا لك خطيرًا، أن يُثَبِّط من عزيمتك”. لا تقف عند الآلام والضيقات، بل تخطاها. وعليك أن تُدرِك أنها مثل تدريبات، تعلى من قدرتك ومهارتك وحكمتك فى رحلة الحياة.
من أقوال مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث فى هذا:
كُن شديدًا فى الضيقة . لا تجعل الضيقة تحطمك، إنما حطِّمها أنت بإيمانك.
إن الزجاجة إذا وقعت على صخرة، لا تحطم الصخرة، وإنما تتحطم الزجاجة.
كُن إذًا صخرة.
وأيضًا من كلماته: “مرِّرها قبل أن تُمَرِّرك”!
لذا، كُن قويًّا باحتمالك، لا تضعُف ولا تنهزم داخليًّا؛ فالهزيمة الحقيقية فى حياة الإنسان هى التى تبدأ من داخل الإنسان لا خارجه.
كُن قويًّا فى إرادتك؛ فقد قيل: “الفرق بين الإنسان الناجح والآخرين، ليس نقص القوة أو نقص العلم، ولٰكن نقص الإرادة.”. فالإرادة القوية لتحقيق الأحلام والأهداف هى مقياس قوة إنسان مِن وهن وضعفِ آخر. فقوى الإرادة يقرر ويعمل ويتحدى المستحيل بإرادته. أمّا الإنسان الضعيف، فهو يبدأ ولا يستمر؛ فما لديه من إرادة لا يسمح له أن يستكمل المسير.
كُن قويًّا فى صبرك؛ فقد قيل: “الصبر عادة ما يقدم إلينا أكثر مما تقدمه القوة”. نعم، فكم من أشخاص نالوا أكثر مما تمنَوا أو حلَموا به من أجل صبرهم المصحوب بالعمل، والثقة بالإمكانات التى وضعها الله فيهم! وكم من إنجازات تحققت بالصبر المصحوب بالأمل!
ولا تبحث عن القوة خارجك، إنها ليست كما يعتقد البعض في: المال، أو القوة الجسدية، أو … إلخ. إن القوة الحقيقية تحوى فى معناها ومفهومها ما يجب أن يتخطى هذه الحدود المادية الضيقة إلى عالم أرحب يُدرِك معنى أن تكون قويًّا فى داخلك.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى.