أرض الفيرور
سيناء “أرض الفيروز”؛ أحد حصون مِصر الطبيعية من الناحية الشرقية؛ خصها الله بشهرة فائقة عبر التاريخ مما خط اسمها علي صفحاته بأحرف من نور.
تربط سيناء قارتي العالم القديم أفريقيا وآسيا؛ ومن أسمائها: “جزيرة طور سيناء”، “جزيرة سيناء”،
و”سيناء”. واسم “سيناء” يعود إلي الكلمة العبرية “سين” أيِ “القمر”؛ لأن أهلها كانوا قديمًا يعبدون القمر.
وقد اشتُهرت سيناء في الآثار المِصرية القديمة باسم “توشريت” أيْ أرض “الجُدوبة والعراء”، وفي الآثار
الآشورية باسم “مجان”، وذكرها المؤرخون اليونانيون باسم “أرابيا بترا” أيِ “العربية الصخرية”. ومن خلال
بعض النقوش، نجد الإشارة إليها أحيانًا بكلمة “بياوو” أيِ المناجم أو “بيا” أيِ “المنجم”. وفي مصادر عصر
الدولة الحديثة يشار إليها باسم “خاست مفكات”، وأحيانًا “دومفكات” أيْ “مدرجات الفيروز”.
وتنقسم سيناء إلي ثلاثة أقسام:-
أولًا: بلاد الطور؛ وهي تقع بين شطري البحر الأحمر، وتتسم بالطبيعة الجبلية الشديدة الوُعورة؛ بل يقال إنها
أكثر البلاد الجبلية وُعورة علي سطح الكرة الأرضية!
ثانيًا: بلاد التيه؛ وهي سهل عظيم مقفر يتخلله بعض الجبال؛ وقد ارتبط هذا الاسم برحلة بني إسرائيل، في أثناء
خروجهم من أرض مِصر، عندما تاهوا فيها أربعين سنة.
وأخيرًا:بلاد العريش؛ وهي سهول متسعة من الرمال تحتوي علي بقاع صالحة للزراعة. وينفصل كل جزء من
الأجزاء الثلاثة عن الآخر بمجموعة جبال. وتُشتهر سيناء بوجود المعادن في أرضها؛ فهي تحوي: الفيروز،
والنُّحاس، والمِغناطيس، والحديد، والذهب، والفحم، والبترول، والجرانيت، والينابيع الكِبريتية والمِلح.
سيناء في الأديان.
عُرفت سيناء في التوراة باسم “حوريب” و”سيناء”، وفيها تجلَّي الله – جل جلاله – لموسي في العُلَّيقة، وقد خرج
الشعب بقيادة موسي النبيّ متخذًا الطريق إلي فِلَسطين عبر سيناء حيث استغرقت رحلتهم أربعين عامًا؛عالهم الله
خلالها في الصحراء بالطعام والشراب الذي تفجر من الصخرة التي أُطلق عليها “عيون موسي”. وأيضًا تجلَّي الله
مرة أخري لموسي حين أعطاه الوصايا.
وقد نزل أنبياء الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسُِف إلي أرض مِصر؛ فكانت سيناء بوابة عبورهم إلي الأراضي
المِصرية. كذلك تباركت سيناء جدًّا بعبور العائلة المقدسة إياها هاربة من وجه هِيرودُس الملك الذي كان يريد قتل
السيد المسيح.
وقد ذُكرت سيناء في القرآن في سورة التين: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ؛ فالمقصود بطُور
سنين طور سيناء حيث كلم الله موسي النبيّ.
ومن معالم سيناء الدينية “جبل موسي” الذي يُعد من أشهر جبال سيناء بل العالم كله؛ إذ يزوره آلاف السياح
لإيمانهم أن علي هذا الجبل كلم الله موسي النبيّ وأعطاه الوصايا العشر. ومع دخول المَسيحية مِصر، انتشر
الرهبان والنساك الذين عاشوا حول جبل الطور.
ويقع بالقرب منه جبل “سانت كاترين” وبه دَير “القديسة كاترين” للروم الأرثوذكس الذي بناه الإمبراطور
“يوستينيانوس” عام 545 م تقريبًا؛ ويضم الدًَِّير العُلَّيقة المشتعلة التي رآها موسي النبيّ.
سيناء مِصرية
ومن فجر التاريخ والمِصري القديم يعي أهمية سيناء؛ الحربية خاصة؛ فوُضعها تحت السلطة العسكرية. ويدل
تاريخ سيناء علي أنها كانت تابعة لمِصر وسلطتها العسكرية في كل عصور قوتها. ولتحصين سيناء، أقام ملوك
مِصر بها القلاع والأبراج مثل: قلعة نخل، وقلعة صلاح الدين. وعبر التاريخ قام في سيناء معارك حربية كثيرة؛
ومن أشهرها “معركة رفح” في العصر البطلَيميّ عندما أثبت المقاتل المِصريّ شجاعته في صد العُدوان والدفاع
عن بلاده.
وفي ذكري عيد تحرير سيناء واستعادتها تحت القيادة المِصرية، نتقدم بالتهنئة إلي الشعب المِصري الأصيل،
وقواتنا المسلحة الساهرة علي بلادنا الغالية مِصر. حفِظ الله مِصر وأمنها وسلامها من كل شر.