تحدثنا في المقالة السابقة عن تحديد الإنسان أهدافًا لحياته، ثم تحويل هٰذه الأهداف إلى خُطة عملية يسعى لتحقيقها. وما أن يضع الإنسان خُطته حتى يجب عليه البَدء بحماس في تنفيذها.
العمل بجَد واجتهاد يقولون: “الفرق بين الواقع و الحُلم هو كلمة العمل”. فلا نجاح يتحقق دون عمل وجُهد. يقول الزعيم سعد زغلول: “لا قياس للإنسان أفضل من عمله”. فالعمل مقياس حقيقيّ لشخصية الإنسان ومدى جَِده في الوصول إلى أهدافه. ومن يرغب في تحويل أحلامه وطموحاته إلى حقائق على أرض الواقع لا سبيل له إلا العمل الجاد والكفاح. لتكُن مخلصًا في عملك مهتمًا به وبأدائه على أفضل وجه ممكن؛ وبهٰذا تحقق النمو. يقولون: “اعمل بإخلاص طَوال ثماني ساعات عملك، وسوف تُصبح مسؤولًا يعمل مدة اثنتي عشْرة ساعة”. فمن يجلس منتظرًا النجاح لن يجد شيئًا إلا الوِحدة والفشل، ومن يسعى مجتهدًا يصل حتمًا إلى هدفه. ويجب أن يقيّم الإنسان عمله، فقد يكون ساعيًا فيما لا يُفيد وما لا يقوده إلى أهدافه، لئلا يضيع عمله هباء. وهٰذا يُذكرني بقصة مجموعة من البشر أبحروا في إحدى السفن العملاقة للبحث عن فرص للعمل في إحدى الدول. إلا أن ناقوس الخطر أعلن بَدء غرق السفينة! فأسرع المسافرون إلى قوارب الإنقاذ ليصلوا إلى إحدى الجزر القريبة. وهناك قرر الناجون أنه لا بد لهم من أن يعملوا بنشاط وجَد واجتهاد في حَرث الأرض وزراعتها حتى يستطيعوا الحياة. ولم تمضِ إلا أيام قلائل حتى جاء أحد الناجين مبشرًا رفقاءه بأنهم أٌناس محظوظون؛ فهم يعيشون في جزيرة ممتلئة بمناجم الذهب التي ستجعل منهم أغنياء! فرِحوا جميعهم تاركين عملهم في الزراعة، وانشغلوا بالذهب وحُلم الغِنى! إلا أن الشتاء حل ونفد الطعام، ولم يجدوا ما يَقوتهم. وهنا بدأوا يُدركون عظم خطئهم: فماذا يفعلون بالذهب وهم يفقدون حياتهم؟!!!
حوّل الفشل إلى نجاح وبينما الإنسان يعمل، يجد في طريقه المشكلات والعوائق. لذا تصدى للمشكلات بإيجابية للنمو، ولا تدَعها تحوطك باليأس فتستسلم، أو تحطمك، بل حطِّمها أنت صانعًا منها طريقًا ممهِدًا للنجاح. يقولون: “الصخور تسُد الطريق أمام الضعفاء، أمّا الأقوياء فيستندون عليها للوصول إلى القمة.”. ويذكر أحد أعظم المخترعين في العالم “توماس إديسون”، الذي اجتاز كثيرًا من العقبات وما اعتقده البعض فشلًا، أن: “ضعفنا الأكبر يكمُن في الاستسلام. وأكثر الطرق المؤكَّدة للنجاح هي أن تحاول مرة أخرى.”. إن الاستسلام هو أولى خَطواتك نحو الفشل. قرأتُ قصة عن أحد المزارعين في هولندا يُدعى “ڤان كلُويڤِرت”؛ قرر الهجرة إلى جنوب أفريقيا بحثًا عن نجاح أكبر في زراعة الأراضي. فباع كل ما يملِك في هولندا لشراء أرض خصبة في أفريقيا تصبح مزرعة كبيرة تُدر عليه المال الوفير. ولٰكنه دفع كل ما لديه من مال في أرض لا تصلح للزراعة ومليئة بالعقارب والأفاعي وخاصة الكوبرا القاذفة للسَُِم!! الرائع في هٰذا الإنسان أنه لم يستسلم للأحوال التي تمر به، بل استخدم طاقاته الذهنية في الوصول لفكرة رائعة جديدة؛ وهي أن ينسى أمر زراعة الأرض ويستفيد من كثرة الأفاعي في هٰذا المكان لإنتاج مضادات السموم الطبيعية. وقد حقق نجاحًا لا مثيل له، ساعده عليه وجود الأفاعي بكثرة. وعمِل بمفرده في هٰذا المجال، وصارت هٰذه المزرعة من أكبر الأماكن إنتاجًا للقاحات السموم في العالم!! لم يتوقف “كلويڤرت”، أو يستسلم، أو جلس ليبكي على اللبن المسكوب، بل بدأ يفكر ويعمل في تحويل العقبات إلى طريق للنجاح؛ وهٰكذا نجح نجاحًا عظيمًا. وللحديث بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ