يتحدث إنجيل هٰذا الأحد من (يوحنا ٣: ٢٢-٣٦) عن شهادة “يوحنا المَعْمَدان” لتلاميذه عن السيد المسيح. لقد تحدث تلاميذ “يوحنا” إليه عن السيد المسيح بأنه صار يعمِّد، وأن كثيرين من الشعب يذهبون إليه، قائلين: “«… الذي كان معك في عبر الأُردنّ، الذي أنت قد شهِدتَ له، هو يُعَمِّد، والجميع يأتون إليه».”. أمّا “يوحنا”، فقد قدَّم إليهم مفهومين أساسيَّين:
أولهما: أن أيّ سلطان هو من الله وبسماح منه: “«لا يقدِر إنسان أن يأخذ شيئـًا إن لم يكُن قد أُعطِيَ من السماء …»“. لقد أدرك “يوحنا المَعْمَدان”، كخادم لله، أن كل أمور المسكونة تسير بإرادة الله ـ تبارك اسمه القدوس ـ وبسماح منه، فهو ضابط الكل، واهب القدرة لمن يشاء؛ فجميع الأمور هي بيد الله، وهو يهب سلطانه لمن يشاء، وبدون هٰذا السلطان لا يستطيع أحد أن يناله بنفسه أو قوته أو قدرته.
ثانيهما: أن على الإنسان أن يُدرك دوره ورسالته بوُضوح، فإن “يوحنا” لم يقُل عن نفسه أنه المسيح، بل كان مدركِـًا أنه من يُعدّ الطريق أمام المسيح، مثل صديق العريس الذي يفرح له، موقِنـًا بأن السيد المسيح هو من يجب أن يَزيد، وأنه هو الذي ينقُص. وحين تُدرِك النفس حقيقة دورها، لا يمكن أن تفقد رؤية الطريق، أو تهتز، أو تحزن من أيّ أمر، أو تيأس؛ وهنا أتذكر كلمات القديس العظيم “البابا كيرٍلس السادس”: “لا يوجد شيء تحت السماء يقدِر أن يكدرني أو يُزعجني، لأني مُحْتمٍ في ذٰلك الحصن الحصين، داخل الملجإ الأمين، مطمئن في أحضان المراحم، حائز على ينبوع التعزية.”.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ