كثيرًا ما تتردد على أسماعنا فى الحياة كلمة “الإبداع” أو “المبدع”. ونتساءل: هل الإبداع أمر يرتبط بمفاهيم أو قدرات أو أشياء محددة؟ هل يستطيع كل إنسان أن يُبدع؟ يُفهم الإبداع على أنه اختراع شىء بطريقة غير مسبوقة، وأنه “إنتاج عقلى جديد ومفيد وأصيل ومقبول اجتماعيـًّا، ويحل مشكلة ما منطقيـًّا”. وأيـًّا كانت التعريفات، فإن الإبداع يكون فى رؤية جديدة لا يُدركها الآخرون، أو فى رؤية الأمور القديمة بأسلوب جديد ومختلف. والإبداع يشمل جميع مجالات الحياة، من أبسط الأمور فيها حتى الأكثر تعقيدًا؛ إلا أنها تتفق جميعـًا فى أنها تسعى نحو الخير وليس الدمار. ويحتاج الإبداع إلى رغبة حقيقية داخل الإنسان فى أن يكون متميزًا عن الآخرين. فمن يسير على الدرب نفسه الذى سار عليه الآخرون لن يصل إلا إلى النهايات نفسها، أو ربما لا يصل. لذٰلك يتصف المبدع بأن لديه قدرًا كافيـًا من الشجاعة لكى يتمكن من اكتشاف طرق وأساليب جديدة فى الحياة، وفى حل المشكلات التى تلتقيه؛ وفارق كبير بين الشجاعة والتهور. والمبدعون لا يكتفون بأسلوب واحد فقط، بل يبحثون دائمـًا عن الحلول وبدائلها. لذٰلك، يحتاج الإبداع إلى استخدام الإنسان لطاقاته الذهنية الهائلة والتدرب بها على التفكير والتركيز، مع الاستمرار فى المحاولات دون يأس أو شعور بالفشل، إلى أن يتحقق له الوصول إلى درجة الإبداع. وهٰذا بدوره يحتاج إلى الصبر والعمل دون كلل أو ملل، باعتبار أنه لا فشل فى الحياة، بل هى خبرات متراكمة ستؤدى حتمـًا إلى الوصول لما يتمناه المبدع. فإننا لا نجد فى الحياة من قدَّم شيئـًا مفيدًا ورائعـًا فى الحياة من أول محاولة، بل تُبنى الحياة بكثير من العمل والتعب والمحاولات للوصول إلى ما يرجوه الإنسان. يقولون: “ليس هناك أى شىء ضرورى، لتحقيق نجاح من أى نوع، أكثر من المثابرة”. أيضـًا يضع المبدع فى فكره أنه ليس هناك حد أقصى للفكر والأحلام والآمال، بل هناك دائمـًا مزيد يمكن الإنسان أن يعدله ويطوره؛ فلو كان للأحلام حد، ما كان للإنسان أن يصل إلى القمر، أو يتمكن من الطيران عبر القارات، أو أن نرى ذلك التطور التِّقَنى الهائل. قيل: “إذا لم تحاول أن تفعل شيئـًا أبعد مما قد أتقنته، فإنك لن تتقدم أبدًا”؛ والأحلام هى ما يحملنا بعيدًا فنتوق الوصول إليه. لذلك، اسعَ دائمـًا للتفوق على نفسك، وارتفع بأحلامك وأمنياتك وأهدافك، واعمل جادًّا من أجل تحقيقها بكل أمانة، وحتمـًا ستحقق الإبداع فى حياتك. أن الإبداع يبدأ بحُلم صغير، وبالعمل يتحول إلى حقيقة كبرى وواقع فى حياتك. يقول البعض: “لا يقاس النجاح بالموقع الذى يتبوأه المرء فى حياته، بقدر ما يقاس بالصعاب التى يتغلب عليها”. وأضيف: يقاس النجاح الحقيقى بما تغلبت عليه من صعاب بعملك وإبداعاتك.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى