“أسرِع وانزل”
فصل الإنجيل لهٰذا الأحد من (لو ١٩: ١-١٠)، ويخاطبنا عن لقاء السيد المسيح و”زَكّا” رئيس العشارين، ونلاحظ فيه:
· رغبة “زَكّا” الحقيقية في رؤية السيد المسيح، فيذكر “الكتاب”: “وطلب أن يرى يسوع من هو”. لقد سمِع “زَكّا” عن شخص يُدعى “يسوع” يعلم باحتياج الناس إلى المعجزات ويصنعها، فأراد أن يراه، في رغبة صادقة أن يُدرِك مَن تلك الشخصية، وهل هو بالحقيقة المسيح المنتظر.
· كانت هناك عوائق تمنع “زَكّا” من تحقيق رغبته تلك؛ فقد كان الجمع يَزحَم السيد المسيح، وكان هو قصير القامة! وقد كانت العوائق كفيلة بأن تجعل “زَكّا” يتراجع أو يؤجل اللقاء، دون أن يشعر بندم أو قلق أو تقصير، فلقد حاول ولٰكنه وجد جمعًا مزدحمًا يمنعه من رؤية السيد المسيح، وأين لقصير مثله من رؤيته؟! وهٰكذا كان يمكن أن يستسلم لليأس ويرحل عائدًا إلى منزله. لٰكنه لم يفعل!
· لم يدَع “زَكّا” العوائق تمنعه من عدم رؤية السيد المسيح، بل “ركض متقدمًا وصعِد إلى جُمَّيزة لكي يراه”؛ لقد كانت رغبة حقيقية عميقة تتحدى المشكلات والعوائق. لم يهتم “زَكّا” بما سيقوله الشعب عن تسلقه لشجرة الجُمَّيزة، إذ كان اهتمامه الوحيد الذي يشغل فكره هو أن يرى السيد المسيح. لم يفكر أيضًا في الجَهد الذي سيبذُِله في تسلق الشجرة أو خطر ذٰلك الأمر، كان لديه هدف واحد واضح هو: السيد المسيح؛ لذٰلك استحق.
· وهٰكذا اكتسب هٰذا القلب المحب الاستحقاق أن يقف السيد المسيح تحت الجُمَّيزة ويُسمعه كلماته المفرحة: “يا زَكّا، أسرِع وانزل، لأنه ينبغي أن أمكُث اليوم في بيتك.”. وبينما اشتاق “زَكّا” أن يرى السيد المسيح وهو يعبر الطريق، فإذا هو يستقبله في منزله!! هٰكذا دائمًا عطاء الله للإنسان الذي يسعى نحوه في حب وإصرار لا يتوقفان أو يلينان أمام العوائق؛ إن السيد المسيح يحمل كثيرًا لكل نفس تشتاق إليه وتبذُِل ما لديها لرؤيته ومعرفته في حياتها. إن كل عمل يقدمه الإنسان من أجل الله لا يُنسى بل هو ثمين جدًّا أمامه.