“معجزة تهدئة العاصفة” نص محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني الاربعاء ١١ نوفمبر ٢٠١٥ م من كنيسة السيدة العذراء مريم بمسرة – شبرا من انجيل معلمنا لوقا (23:8-27) وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ.وَإِذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا.فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوٌ عَظِيمٌ.فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ: أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ. معجزة تهدئه العاصفه ذكرت فى انجيل متى ومرقس ولوقا تقريبا بنفس الطريقه ماعدا انجيل مرقس عندما ذكرها ذكر ان السيد المسيح كان نائما فى السفينة على وسادة.. القصه حدثت فى بحيرة طبرية وكانت هذة البحيرة لها شط غربى وشط شرقى وهى اقل من مستوى البحر بحوالى مائتين متر وحولها جبال فالعواصف امر كان الصيادين معتادين عليه ولكن هذة المرة عندما ركب معهم السيد المسيح فى السفينة ونزل ينام ثم هاج البحر وهاجت الرياح ..فاننا نجد امران: كان ممكن يصلوا للشاطئ الاخر عن طريق البر لكن المسيح قصد ان يكونوا فى السفينة.. هذة الاحداث حدثت ليلا وهذا يزيد من خطورة العاصفه فالوقت ليلا والعاصفه شديدة والمسيح نائما .. لذلك فهى اختبار ايمان..فى كل مرة نتعرض فيها لعواصف اوامواج فاعرف ان هذا اختبار للايمان يمكن ان يكون على مستوى الفرد اوعلى مستوى الكنيسة او المجتمع.. دائما عندما نسير فى طريق المسيح توقع حدوث العواصف والاخطار.. المجوس الذين قدموا هداياهم وهى ذهب يشير الى الملك ولبان يشير الى الكهنوت و مر يشير الى الصلب..لكن ماذا تعنى هذة الهدايا الثلاثه بالنسبه للمجوس انفسهم ..فلانهم كانوا رجالا حكماء فهذة الهدايا كادت تحكى بحكمه ما هى ايام عمر الانسان.. فتوجد ايام كالذهب وهى ايام النجاح والانجاز والصحة والتقدم وتحصيل الاهداف..وايام اللبان هى ايام التعب والاجتهاد والعمل والدراسه والبذل والخدمه..وايام المر وهى ايام الالم والضيق والعواصف العاتيه والشائعات والكلام المسبب للمرارة فى القلب .. فكأن هذة المعجزة تحكى صورة من ايام حياة الانسان وهى ايام الالم والمرارة.. التلاميذ كانوا فى محنه هم يعرفون فى الصيد ويعرفوا فى السفر وشاهدوا هذة البحيرة مرات عديدة ولكن العاصفه هذة كانت جديدة عليهم كان لديهم ايمان ولكن كان ضعيف وهنا تظهر نتيجه امتحانهم لما دخلوا فى هذة العاصفه كان المسيح نائما نوما مقصودا لاختبارهم فهو معاهم لكن نائم.. كان امامهم امرين اما ان يمسكوا بمجداف السفينه ويحاولون انقاذ انفسهم ..او استخدام المجداف الثانى وهو مجداف الصلاة .. العواصف تمثل تجارب الحياة اما الرياح فتمثل العالم المتضارب باخبارة ..ففى السنوات الاخيرة دخلت شبكه النت واصبحت تربط العالم كلها بطريقه لم نشهدها من قبل ..وصارت الاشاعات والاكاذيب فى هذا الاعلام الالكترونى متحكمه فى الانسان .. بعض علماء الاجتماع يقولون الانسان قديما كان هو المتحكم فى جهاز الكمبيوتر اما الان فهى التى تتحكم فى الانسان ..وهذة مأساة وصارت هناك امراض تعتبر امراض حديثه ..اصبح يوجد مرض اسمه “ناونيس ” يعنى الانيه اى ان الحدث يحدث ونعرفه على طول لذلك صار الانسان تحت ضغوط.. وصارهناك الادمان الالكترونى ..هذا يمثل الامواج العاتيه.. السفينة تمثل حياة الانسان التى يتجه فيها للمسيح ..المسيح كان نائم هذا تعبير عن الناسوت و لما استيقظ وانتهر الرياح كان تعبيرا عن لاهوته .. الخلاصه فى هذة النقطه انهم لما ايقظوا المسيح قالوا له ” يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ” وهذة عبارة صلاة فالصلاة مفتاح النجاة فلا يملك الانسان امام العواصف والرياح سوى ان يرفع قلبه للصلاة فهى الرجاء الوحيد .. القديس ابو مقار يقول (الصبر هو الغلبة) ..ايمانهم صحيح ولكن قليل وضعيف ..فالسيد المسيح قال لهم فى نتيجه الامتحان ” مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ” ايمانك يحتاج الى تغذية لما تقرأ سير القديسين ونعيش فى الكتاب المقدس باستمرار ولما بنخدم كل هذة وسائل لتغذية الايمان وصلواتنا المستمرة تغذى ايماننا ..لو ايمانك ضعيف سيأتى زمن التجربه وتكون درجاتك ضعيفة وتهتز فى هذة العاصفة .. مازال الله ضابط الكل وهو سيد التاريخ ..كلمه المسيح كلمه امرة وفاعله فعندما انتهر الريح صار هدوء..فاى عاصفه او سيول تقل بالتدريج اما كلمه المسيح فاعله فى التو واللحظه ..وايضا هى كلمه مدهشة فتعجبوا من المعجزة .. “إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيل َ.”اسرائيل كلمه من مقطعين” اسرا”بمعنى اسرة و”ايل “بمعنى الله فمعناها لا ينعس ولا ينام حافظ انسان الله . الدروس المستفادة : بالايمان تتغير الاحوال..ممكن عاصفه عاليه جدا تنزل بلا معنى والانسان الذى يثير العواصف لابد ان يعرف ان فى لحظه من اللحظات كل هذا ممكن ان يضيع فوعود الله لا تسقط ابدا ..فالايمان يغير الاحوال والله عندة تدبير يفوق فكر البشر .. دائما الله رفيق فى الضيقه..” فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ” فهو مشارك ورفيق اى الم .. الفتيه الثلاثه وسط اتون النار كان كندى بارد دانيال فى جب الاسود المفترض ان الاسود جائعه ..هل دانيال كان خائف من الاسود ام الاسود هم الخائفون من دانيال ..والملك لما نادى عليه قال دانيال عبارة جميلة ” إِلهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ” هكذا يد الله الممتدة .. التلاميذ داخل السفينه بحسب خبرتهم يقولون اننا نهلك ولكن المسيح هو رفيق الضيقه وهو هو امس واليوم والى الابد..مثل ما كان مع الفتيه ومثل ما كان مع دانيال هكذا كان مع التلاميذ بولس الرسول قال” أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ لِذلِكَ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ” (2كو10:12) الايمان يجلب الفرح…التلاميذ بعد هذة المعجزة حديثهم سيكون بمنتهى الفرح والتعجب الايمان الواثق فى يد الله يجلب الفرح.. “كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ” (رو28:8) هذا قانون هام فى الضيقه .. انت فقط عليك ان تعيش وتعلن حبك الله وهو سيخرج من الجافى حلاوة .. فى زماننا نرى اشياء غير صحيحه ..وكلها حاجات لاجل البيزنس والاعلانات لان فى كل ضغطه لكى ترى هذة الاشياء على النت يسحب من رصيدك فلا تعطى اذنك لها ولا تشجع نشر الاكاذيب خاصه بما يخص بلادنا مصر بصفه عامه لتعرضها لهجمه شديدة .. وايضا الكنيسة بتاريخها وحاضرها وتقاليدها .. يوجد مثل اجنبى يقول “فى كل زمن تستطيع ان تشترى الذئب بثمن بخس” اى تستطيع ان تشترى الانسان الخبيث بثمن بسيط .. وكل كلمه ستعطون عنها حسابا امام الله …السيد المسيح قال من يقول لاخيه يا احمق يكون مستوجب نار جهنم فكلمه تضيع الانسان فكم بالاحرى من يخترع اكاذيب ستكون دينونته شريرة .. يعطينا الله ان تصير حياتنا فى هدوء وسلام وفى ثقه ان يد الله تعمل..