أقيمت مساء أمس بكنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، عظة قداسة البابا تواضروس الثاني باجتماع الأربعاء الأسبوعي.
دار موضوع العظة حول “محبة العالم عداوة لله”.
+ “محبة العالم عداوة لله”… العظة الأسبوعية لقداسة البابا تواضروس الثاني.
بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحل علينا رحمته ونعمته من الأن وإلى الأبد آمين.
الاسبوع الماضي تكلمنا عن “مركزية المحبة ” اليوم سوف نتكلم عن محبة العالم في رسالة القديس يعقوب الرسول ” مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ ” (يع٤ : ٤) من يستطيع أن يكون عدو لله؟!
سوف اتكلم معكم اليوم عن محبة العالم، ما معنى محبة العالم؟
هى آفة في حياة الإنسان الروحية، الله خلق الإنسان كائن ينتمي إلى الله، والله ميزك عن سائر الخليقة أنه أعطاك نسمة حياة وأصبح بداخلك نسمة من الله فأنت كائن حي تنتمي إلى الله وهذه قيمك والله استودع فيك هذه النسمة لتعيش وتنتمي له، ولكن هناك كثيرين يرتبطوا بالأرض وينسوا الله وهذه هى محبة العالم،العالم له قوانينه ومبادئه ولكن أين الله في حياتك؟ ونحن بدأنا في شهر هاتور ونصوم فيه صوم الميلاد وفي نهاية سنة فيجب أن يراجع الإنسان نفسه وأن يكون قلبه مليان بالله وليس شكل ويمكن أن يكون إنسان عايش له صورة التقوى، ويجب أن نفرق بين محبة العالم في (يع ٤ :٤) و(يو ١٦ : ٣ ) ” لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ ” وهنا أحب العالم أي أحب البشر الذي في العالم أحبهم من أجل خلاصهم وهذا فضل وتعطف من الله الذي خلق الإنسان، لكن آية يعقوب هى محبة السلوك بسلوكيات العالم،ويكون الإنسان مرتبط بالتراب ولا يعير اهتمامًا بالسماء، انتبه … محبة العالم عداوه لله وفي سفر المزامير (مز ٤٥) “كل مجد ابنة الملك من الداخل”ابنة الملك هى النفس البشرية مجدها في داخلها من يد الله، المهم العمق وليس الصورة الخارجية وفي سفر الأمثال يقول” يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ ” قلبك يكون ساكن في الله والله ساكن فيك.
أمثلةمن الكتاب المقدس:
١ – في العهد القديم نسمع عن لوط الذى أحب أرض سدوم وهى أرض خطية.
٢- أخاب كان ملك وايزابل زوجته الشريرة، يمتلك كل شيء ولكن بجانب القصر يوجد قطعة أرض يملكها رجل فقير اسمه نابوت اليزرعيلي وترك أخاب كل ماعنده واغتصب أرض نابوت اليزرعيلي وكان هذا بتفكير زوجته الشريرة، لأنه أحب العالم وكل فكره في التراب والأرض.
٣- ديماس كان يخدم مع بولس الرسول ويقول عنه بولس الرسول ” دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ ” لم يحب خدمة المسيح ولم يحب الوصية.
٤ يهوذا التلميذ الخائن وبرغم أنه رأى المعجزات والتعليم وحضر كل شيء ولكنه أحب العالم الحاضر وباع سيده أحب الفضة أكثر من محبته لسيده وصار موصوم في التاريخ أنه التلميذ الخائن.
٥- في العهد القديم نقرأ عن عاخان ابن كرمي في أيام يشوع في قرية عاي، نسمع أنه يسرق ” فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ “وكان عاخان سبب أن الشعب ينهزم.
الخلاصة : أن الحياة السلبية والشكلية لا تنفع مع المسيح وهذه آفة في حياة الإنسان الروحية للأسف هؤلاء يعيشون في صورة المحبة ولذلك ” مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ “وأضع أمامك هذه الآية ” لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا ” عندما تعيش في الحياة الحقيقية مع الله لازم تنتبه لكل فعل أنت تفعله، في القداس وتسمع “قبلوا بعضكم بعضًا بقبلة مقدسة” (ونحن لدينا علامة قبلة السلامة نسلم باليد) وهذا قبل كورونا ونسلم على الذي بجانبنا، وهى ليست حركة شكلية فقبلة السلامة هى أنني أصنع سلام مع أي إنسان حتى الذي لا أعرفه قلبي صافي من ناحية كل أحد، أما لو اكتفيت بالشكل للطقس بدون المعنى القلبي العميق فليس له فائدة،أن اسلم على شخص وقلبي ليس صافي بداخلي فهذه محبة العالم، وفي القداس أيضًا يقول” أيها الجلوس قفوا” هذا ليس المقصود الوقوف الجسدي ولكن المهم إن الإنسان العايش في الخطية يبعد عنها وفي المزمور الأول” طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ ” هذا نفس التعبير ، ليس مهم أن جسدي يقف ولكن المهم أن حياتي تستقيم وأقف عن أي شر وانتبه لله، وتكملتها “وإلى الشرق انظروا” ومن الناحية العملية:
• هل عينيك ناحية الشرق الموطن الذي سوف يأتي منه السيد المسيح؟
• هل عندك استعداد للمجئ الثاني؟
• هل أنت شخص مستعد؟
ونصلي في الأجبية “العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة” وقد تكون أشياء شكلها جيد ولكن تؤدي به للهلاك، يجب أن يكون شخص لديه الاستعداد والانتظار “وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين” انتبه… مهما أحب الإنسان العالم فسوف لا يأخذ شيء منه نهائيًا ولن تجني ثمرًا… فماذا نفعل؟
١- عيش بالوصية: أجعل وصية المسيح حاضرة أمامك وأجعل الإنجيل ظاهر ” وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا. ” حتى لا تملأ قلبك محبة العالم أهتم بالوصية، ونحن في نهاية العام وبداية صوم الميلاد ويبدأ الإنسان يراجع نفسه وتصرفاته وأفكاره ليبدأ السنة الجديدة بكل خير.
٢- ممارسة سر الأعتراف: يبدأ أولًا من بيتك يجب أن تحضر للأعتراف في البيت وتقف أمام الله في صلواتك وتتعهد أن تبدأ بداية جديدة تكون النتيجة أن تذهب للأب الكاهن، والأعتراف الحقيقي هو وقت قليل جدًا وليس وقت حكايات، وتجلس مع الأب الكاهن وكأنك في محضر الله وتسكب خطاياك وتعقد العظم أن تبدأ بداية جديدة ، ونسميه سر التوبة والأعتراف والتوبة تتضمن في داخل معناها أنك تقول تعهد أمام الله أنك لا تعود مرة أخرى للخطية، والجلسة مع أبونا هى أخر خطوة يسبقها أن تجلس مع نفسك وأن تقف أمام الله تتعهد بما ستقوله، مثل الابن الضال” فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ ” وقام ونفذ الكلام الذي حضره، لتكون جلستك أمام الأب الكاهن وأعترافك بطريقة الكنسية تكون النتيجة أنك تقوم بالعمل وأنت عايش بداخله وليس شكل، ورجع الابن الضال وعاد إلى أبوه وقبل أن يكمل كلامه أخذه أبوه في حضنه وبدأ مسيرة الحياة الجديدة.
٣- لاحظ نفسك: لا تجعل شيء يسرق أغلى ما عندك وهو الوقت، الله يعطيك فترة الليل لتراجع نفسك وتلاحظ نفسك، وتتعلم من السير المقدسة، نقابل في حياتنا أشخاص سيرتهم لها رائحة الطيب وسير القديسين التي نسمعها، من فضلك لاحظ نفسك… سلوكياتك وكلامك،
٤- حياة الرضا: الإنسان المتزمر يفتح باب كبير لمحبة العالم، من فضلك عيش حياة الرضا والشكر ربنا يعطينا كل يوم الحياة كلها والأسرة والأصدقاء والصحة… نعم الله لا يمكن حصرها، أفرح وأشكر الله على هذه النعم الكثيرة عيش وأعرف أن مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ وضع هذه الكلمة أمامك، يعطينا الله أن تكون حياتنا مليئه بمحبته الحقيقية . لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.