“أمسك الكتاب بين يديه، ولٰكنه لم يكُن يرى الأحرف والكلمات، بل تباعدت وتقاربت لتصنع أمامه صورة تِلْو الأخرى في تتابع عجيب، وكأنه يرى فيلمًا سنيمائيًّا بطله تلك الشخصية التي أحبها، لا لشيء إلا لشجاعتها التي لم يجد لها مثيلاً، إضافة إلى استخدامه لتلك الشجاعة في مساعدة الآخرين. إنه “روبن هود”: ذٰلك الفارس الذي طالما اتسمت شخصيته في الأدب الشعبيّ الإنجليزيّ بالشجاعة وبالتهذيب، إضافة إلى تمتعه بالبراعة في إصابة أهدافه باستخدام السهام. إلا إنه عاش خارجًا عن القانون في العُصور الوسطى. كان يكون “روبن هود” يتمنى أن شخصًا حقيقيًّا، لا أسطورة لا تتخطى أعمالها وأفكارها صفحات القصص الأدبية. فكم يعاني كثيرون الظلم والطغيان!! وعندئذ ثَمة كلمات ترددت في أعماقه: يمكنك أن تساعد الآخرين، وتساعد في تحقيق العدل، دون أن تكون “روبن هود” أو تسلك كخطواته!! ارتفعت أصداء أصوات ربما هي ضميره: هل من سبيل آخر؟!!”.
من الممكن أن تتوحد الأهداف عند عدد من الأشخاص، ولٰكننا مع ذلك نرى أن طرق الوصول إليها قد تعددت، أو تتشابك إحداها في أخرى، أو تتماثل في ظاهرها ولكن كل منها يقود إلى نهاية مختلفة؛ لذٰلك: عليك أن تطمئن من حين إلى آخر أنك تسلك الدرب الصحيح، وأنك لم تفقده في إحدى منحنيات طريق حياتك. وعلى سبيل المثال: قد تختار مجموعة من البشر هدفًا واحدًا، وهو أحد أهداف الحياة السامية، كمساعدة الفقراء أو المحتاجين أو الضعفاء، ولٰكن يتخذ كل منهم طريقًا في تحقيق ذٰلك الغرض النبيل: فهوذا واحد يعمل ويتعب ويقدم من ماله وجُهده للآخرين، وآخر يعرض الأمر على مجموعة من القادرين ويحصل على تعضيداتهم في مجالات متنوعة ويقدمها لمن يحتاج، وثالث يسلك مثل “روبن هود” فيأخذ من الأغنياء ليمنح الفقراء محاولاً أن يحقق العدل بقوته؛ وهٰكذا تتنوع الوسائل والطرق نحو الأهداف خيرًا أو شرًا؛ وبذلك يكون واجبًا على كل إنسان أن ينتبه إلى خطواته وما يسعى إليه من أهداف ولأيّ أساليب حتى لا يتعرض إلى التيه في الحياة، فلكل طريق نهاية تختلف عن نهايات الدُّروب الأخرى ومنها ما يحمل نهايات مؤلمة للغاية.
تذكَّر: عندما تُخطئ الطريق، توقف فورًا عن استكمال المسير، ولا تتردد في العودة إلى نقطة البداية لتبدأ خطواتك في الطريق الصحيح. إن خطوات قليلة في الطريق الصحيح لأفضل من إسراع في أخر خاطئ ونهاية مؤلمة! وها هو الحكيم يقدم لنا كلماته التي تقدم وتلخص معنى حياة الإنسان وسعادته فيقول: “عرفتُ أنه ليس لهم خير، إلا أن يفرحوا ويفعلوا خيرًا في حياتهم.”؛ فذٰلك الخير هو الذي سوف يصحُب كل منا في الحياة الأبدية. نعم، فأنت خُلقت للحياة والخير.