قداسة البابا يلقي عظته الأسبوعية بحضور أعضاء المجمع المقدسبعنوان «كيف يمتحن الإنسان الأشياء» بالمقر البابوى بدير الانبا بيشوى – الأربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٧ م
أكد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أن إقامة السيمنار السنوي يعتبر عادة سنوية يجتمع فيها كافة الأباء الأساقفة من مصر وخارجها، واصفا إنها فرصة طيبة للقاء الأباء الذين يجتمعون خلال أعياد الخمسين من كل عام ليكون اللقاء معهم مرتين في العام، لافتا إلى أن السيمنار هذا العام هو دراسي يقدم الأباء الأساقفة من خلاله دراستهم ومناقشتهم للوصول إلى رؤية مشتركة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وتناول البابا تواضروس – خلال عظته الأسبوعية مساء اليوم الأربعاء والتى القاها من دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون – جزء من رسالة بولس الرسول إلى أهل تسالونيكي ، وهى الرسالة الأولى التى كتبها، موضحا أن الرسالة إلى تسالونيكي بارة عن 15 وصية قصيرة تساند الإنسان في حياته الروحية.
وتحدث البابا تواضروس حول المقاييس التى لابد أن يستخدمها الإنسان لامتحان الأشياء في حياته الروحية، لافتا إلى أن الإنسانية مرت بعدة مراحل وهى أن الإنسان عبد الطبيعة “الشمس والأشجار والبحار وما إلى ذلك”، وأن المرحلة الثانية كانت عبادة الأصنام، إلى أن عرف الإنسان الإله الواحد، الذى شاهدنا محبته للانسان .
نص محاضروة قداسة البابا تواضروس الثاني من كنيسة التجلي بمركز لوجوس بالمقر البابوي – دير الأنبا بيشوي العامر بوادي النطرون الاربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٧ م . ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ.صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ.لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ.امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ.امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ. وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضًا. أَيُّهَا الإِخْوَةُ صَلُّوا لأَجْلِنَا. سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ جَمِيعًا بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. أُنَاشِدُكُمْ بِالرَّبِّ أَنْ تُقْرَأَ هذِهِ الرِّسَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الإِخْوَةِ الْقِدِّيسِينَ. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ. واوضح قداسة البابا أن الجزء الذى قرأه هو عقد من اللآلئ، هو وصايا قصيرة ولكنها مركزة، وتخص الحياة الكنسية الجماعية. لذلك تحدث بولس الرسول بصيغة الجمع: افرحوا، صلوا … ورسالة بولس الرسول إلى أهل تسالونيكي هى أول رسالة خطها القديس بولس. وبها فكر مركز وخبرة وهما عبارة عن 15 وصية قصيرة، وهى لآلئ فى مسيرة حياة الإنسان الروحية. وأضاف: في العظة السابقة توقفنا عند لؤلؤة: امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. ولأنها مهمة قسمناها لجزئين، الجزء الذى تحدثنا عنه الأسبوع الماضي والذى تحدثنا عنه وهو لماذ أمتحن كل شيء ؟! وماذا أمتحن ؟! .. وحددنا 5 مجالات الإنسان يمتحنهم فى حياته. 1. الايمان 2ًًً الاقوال 3.العمل 4. الأسرار 5. التعاليم الجزء الثانى من هذه اللؤلؤة هو ازاى الإنسان يقيس أو ماهى المقاييس المتاحة لنا حتى أستطيع أن أمتحن كل شيء؟!. اولا : كيف نمتحن الأشياء وبماذ نقيس الأمور التي نمتحنها في حياتنا ؟ وذكر قداسة البابا مسيرة الإنسان ومراحل الإنسانية الخمس وهي: 1.المرحلة الأولى: بعد الخلق : فيها عبد الإنسان في حياته الطبيعة القمر، الشمس، النجوم، الأشجار. وصار إله الطبيعة هو المتاح أمام الإنسان. ونتذكر قصة يونان النبي لما البحر هاج وقال للبحارة إن إلهي خالق البحر والرياح والسماء والأرض فانزعجوا ..!. 2. المرحلة الثانية: عبادة الأصنام: تماثيل من حجارة أو معدن وغيره إلى أن عرف الإنسان الإله الواحد. وبعد مرور الزمن والثورة الصناعية والاختراعات صار العالم يمجد عقله إلى أن حدث في الثلاثين العام الأخيرة ظهر الإله الثالث. 3. المزاج ويوجد فرق بين العقل والمزاج العقل يمثل الجماعية أما المزاج يمثل الفردية وصار الإنسان يعبد فرديته وأنانيته. مثل التليفون الأرضي كان يخدم الكثيرين إلى أن ظهر الموبايل وأصبح فردي وصار كل شخص له رقمه وصار الإنسان يعبد مزاجه وأنانيته الطاغية. ويقول الكثير من العلماء منذ اختراع عصر الموبايل انتهت الإنسانية. وتأتى الوصية هنا امتحنوا كل شيء. ثانيا : مقاييس امتحان الانسان لنفسه ونضع 5 مقاييس لامتحان كل شيء: 1- الكلمة المقدسة وهي التي تستطيع أن تقيس كل شيء وفي حرب إبليس أراد أن يقيس بمقياس الكلمة بعد صيام المسيح 40 يومًا وبدأ عدو الخير يخبره بأن يحول الحجارة لخبز حتى يأكل، ويكون الرد بمقياس الكلمة ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. وصار المكتوب الوصية هو المقياس القوى لسلامة مايعرض علينا. حتى لو ظهرت الوصية لا تناسب عصرنا فهى ثابتة وتناسب كل العصور والأزمنة ويجب أن يكون المقياس بوصية الله الكاملة. وطول الأناة إحدى الوسائل التى تساعدنا بالمقياس فنحن نتعرض لكثير من الألم لكن كلمة الله: فى العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا أنا غلبت العالم. 2- الإفراز والحكمة: كيف يكون الإنسان حكيمًا فيوجد الكثير من التصرفات لا تنجح سوى بالحكمة. ودائما ما يشار إليها فى قديم الزمان بالشعر الأبيض مثل قصة داود وأيوب الصديق. ولكن كثيرا ما نحتاج موهبة الحكمة، فيقول سليمان الحكيم الأصحاح الثاني من سفر الأمثال إذا دخلت الحكمة قلبك، ولذت المعرفة لنفسك. فالعقل يحفظك، والفهم ينصرك. لإنقاذك من طريق الشرير، والقديس الأنبا أنطونيوس يقول لاولاده عن موهبة الإفراز “فالآن يا أحبائي الذين صرتم لي أولادًا اطلبوا نهارًا وليلًا لكي تأتي عليكم موهبة الإفراز هذه . وسمى القديس انطونيوس الإفراز عين النفس والنعمة هي التى تساعد الإنسان فى هذه الحكمة. وقال الأنبا موسى الأسود إن الشياطين لم يقدروا عليه فهو كان منتبه لا يقع فى اليأس أو الكبرياء. مثل قصة البنت المريضة التى اخبرهم الطبيب بانها ستموت بعد أسابيع مثل تلك الشجرة التى كلما سقطت ورقة من أوراقها تقترب البنت من الموت فقامت الأم باخذ ورق وربطتها في الشجرة حتى لا تسقط آخر ورقة وتموت ابنتها مما اعطي الامل للابنة في الحياة فالمشورة والحكمة تحقق نجاحات كثيرة وفكرة التوبة بوجود أب اعتراف تساعده أكثر على الحفاظ على ذاته. فالإرشاد والمشورة أحد وسائل الحكم على الأشياء. 3- الصلاة : التى ترتفع من الإنسان، الصلاة فى حد ذاتها تكون وسيلة تعطى الإنسان تشجيع ودفعة للأمام. مثل نحميا النبى الذى لم يلتفت للأعداء وقال العبارة الشهيرة إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى وعندما نصلي بالمشورة وكلمة الله مع روح الصلاة يجتمعوا لأخذ خطوة صحيحة فى حياة الإنسان.