يعز علينا أيها الأحباء ان نودع هذا الاب الجليل نيافة الأنبا ابراهام مطران الكرسى الاورشليمى. نودعه إلى الامجاد السماوية وكلنا ثقة انه خدم خدمة مباركة. نيافته انتقل عن عمر 73 سنة قضى منها 24 سنة مطرانا لهذه الايبارشية التى هى اول ايبارشية فى تاريخ الكنيسة حضورنا جاء للصلاة والتعزية وليس للتجوال او الزيارة. جئنا ليس من مصر فقط لكن من دول عديدة حيث الكنيسة القبطية. جئنا لوداع مطران جليل له صيت حسن مع كل من تعامل معه ليس وهو مطران فقط ولكن من قبل ذلك بكثير، جئنا لتعزية ابنائه، جئنا تقديرا لهذه القامة العالية ليس على المستوى الكنسى فقط ولكن على المستوى الوطنى والعالمى حصل نيافة النبا ابراهام على دراسات متقدمة وكان استاذ جامعى وخدم الوطن من خلال دراسته. كان متواضعا حكيما كسب الكل حتى المختلفين معه اجمعهم على شخصيته المحبوبة التحق بدير الانبا بيشوى عام 84 وهو نفس الدير الذى التحقت به، كان محبوبا من رئيس الدير واخوته الرهبان وكسب تقدير ومحبة الجميع لنسكياته وحياته الرهبانية حيث ترك عمله ومنصبه وكل شء واتجه للدير ليعيش فى حياة مقدسة. كان مسئول عن استقبال ضيوف الدير الاجانب بسبب شخصيته المحبة للجميع. ثم اختاره البابا شنودة ليخدم فى سويسرا ثم مطرانا للكرسى الاورشليمى طوال هذه السنوات والخدمات المتنوعة تقابل مع الالاف من الناس من مختلف الاديان والاعمار والفئات. كان ناجحا للغاية فى خدمته وتعب كثيرا وعمّر كثيرا فى ايبارشيته. كان دائم الخدمة فكان قبل شهر من انتقاله يفتقد ابنائه الكهنة والرهبان والشعب فى قطر ومسقط رغم ظروف مرضه تزاملت معه فى دير الانبا بيشوى وكان اول راهب أتعامل معه وكان نموذجا وديعا فى الحياة الرهبانية وتعلمت منه الكثير وكان لى فرص كثيرة للتعلم منه. كانت خدمته واسعة ومعرفته كثيرة قبل واثناء الدير وبعدها ايضا نودعه اليوم باطمئنان على نفس عاشت امينة لايمانها ووطنها وكنيستها وخدمتها. هى الامانة التى يبحث عنها الله فى حياتنا. حياة الانسان ستنتهى يوما، يعيش الانسان حياته كنعمة من الله سواء أكانت طويلة أو قصيرة ويترك لنا حرية اختيار ما نفعله بها إن كان خيرا أو شرا الله عندما خلق الانسان خلقة كتاج للخليقة بعدما خلق الارض وعمّرها. اعطى الله عطاياه الجميلة للانسان فيما اساء الانسان استغلال هذه العطايا. كل انسان سيقف امام الله ذات يوم ويقول له الرب اعطنى حساب وكالتك، قد اوكلتك على سنوات عمرك فماذا قدمت؟ وكيف خدمت؟ وكيف مجدتنى فى حياتك الانسانية على الارض؟ سيسأله الرب عن حياته وافعاله ومعرفته، وعما اقترفه من خطايا بإرداته أو بغير إرداته، عن الظاهرات والخفايا.لذا أعطانا الله فى كل الاديان ما يسمى بالصلاة، هى تختلف من دين لدين. لكنها بمثابة تجربة للوقفة التى سيقفها الانسان امام الله “مخيف هو الوقوع فى يد الله”، ماذا ستقول وقتها وكيف سيكون موقفك؟. اذا وضع الانسان هذه اللحظة امام عينيه طوال حياته وسلك فى مخافتها سيمسع صوت الله قائلا له “نعما أيها العبد الصالح والأمين… ادخل إلى فرح سيدك” الموت ينتقل بالانسان من الحياة الدنيا الى الحياة السمائية ويرفعه لحياة افضل بعيدا عن كل الامراض والاتعاب والهموم على الارض لذا نقرأ “طوبى للذى اخترته يا رب ليسكن فى ديارك” ولا نستخدم لفظ (الموت) بل لفظ (الانتقال) كما يعلمنا الكتاب المقدس “ليس موت لعبيدك بل هو انتقال” نستخدم تعبير سريانى قديم هو النياحة اى الراحة ليس بمفهومها على الارض وإنما الراحة فى معية الله وفى حضور الملائكة والقديسين. فى السماء يحيا الانسان فى مجتمع القداسة والبر لذا نجتهد على الارض ان يكون لنا هذا النصيب.. ما اشهى ان يكون الانسان فى معية الله والصديقين!! ليس على الارض سلام وقد يجتهد الانسان ويحققه نسبيا. لكن السلام الكامل يكون فى السماء حيث الهدوء والانسجام الداخلى، فيقول معلمنا بولس الرسول “ما لم تره عين ولم تسمعه اذن ولم يخطر على قلب بشر ما اعددته يا الله لمحبى اسمك القدوس”. لا نسمع ان السماء بها شر أو عنف أو مرار أو ظلمة، لكن بها سلام كامل وفيها سنتمتع بالفرح الكامل. فى الارض يجتهد الانسان للحصول على السعادة، أما فى السماء فنتمتع بالفرح الكامل الداخلى حيث لا يوجد ملل بل نبتهج بالنور والفرح والحياة الجديدة كما يسميها الكتاب المقدس ما اشهى ان نحيا فى هذه الفضيلة.. فضيلة الحنين للسماء. نشتاق إليها ونحن نسمع ونقرأ عنها ونتأمل فيها فما بالكم بسعادتنا ونحن نعيش فيها؟ّ!! ونحن نودع الانبا ابراهام، يعتصر الالم قلوبنا ولكن كلنا ايمان انه فى السماء حيث بيته السمائى يصلى من اجلنا ومن اجل كل الاحباء الذى تعامل معهم. ونثق ان الله يضمد آلامنا وجراحنا ربنا يبارك كل ماتمتد إليه ايديكم ويحافظ عليكم وانقل إليكم تعزيات اخوتكم فى مصر. نيافته كان ناجحا وكان له تلاميذ من الاساقفة والرهبان وهذا الامر يعطينا ايمان انه فى مكان افضل اشكر كل الحضور وكل من عزانا وكل السلطات التى تعبت معنا ليبارك الرب الجميع لألهنا كل مجد من الآن وإلى الأبد أمين.