و في ظل احتفالات أكتوبر، ما زلنا نتحدث، ففي المقالة السابقة تكلمنا عن «انتصارات السادس من أكتوبر» التي حملت البُطولات وقدمت النصر، معبّرةً عن «مِصر» ذات حضارة السبعة آلاف عام، وشعبها الذي وقف معًا وقت الصعاب والمحن فأذهل الجميع وعبر القناة واجتاز «خط بارليف» محطمًا أسطورته، وعابرًا الهزيمة، وهازمًا كل ما أشيع عن ضعفه وعدم قدرته مما يُحبط العزائم ويحطم الهمم.
وفي أكتوبر، يجب أن نُدرِك ونؤكد أنه ليس مجرد انتصار تحقق، بل هوطريق يجب أن نسلكه فيمكننا أن نعبر نحو مستقبل جديد يرسُِمه ويصنعه شعب «مِصر» بأياديه. إننا لا يمكننا أن نتغافل عن الأحوال القاسية التي تحيط ببلادنا في أوقات أحوج ما تكون إلي أنْ يكون الجميع معًا متحدًا نحو عُبور جديد ـ دعوني أُطلق عليه: «عُبور الحاضر». فنحن في أشد الاحتياج إلي أن نعبر أزمات الحاضر وصعابه بـ:
أن نكون معًا
إن تفاقم الفجوات بين العائلة الواحدة لَأمر هائل كفيل بأن يمزقها ويفتتها إلي ـ لا قدر الله ـ انهيار تام! لذا علينا أن نضع نُصب أعيننا أننا ـ بوصفنا شعبًا ـ أعضاء عائلة واحدة وذٰلك متي اتحد أفرادها والتحموا في تناغم، مقدمين أعظم لحن بناء عرفته البشرية. إنها ليست هٰذه هي المرة الأولي التي تتعرض فيها «مِصر» لكبوات أوصعوبات، بل مرت بها كثير من الشدائد وظلت باقية، وتظل قائمة لا تَحنيها الصعاب، بل تشدد منها. تظل «مِصر» قائمة بأبنائها الأوفياء، المخلصين بعملهم وجِدهم ووَحدتهم معًا. كم من دول تعثرت، ولم يعُد لها ذكر الآن، وصارت أسماءً بين صفحات التاريخ! وكم من دول أخري مرت بها الحروب، وشهِدت أحوالاً بالغة القسوة إلي حد تدميرها، واعتقد العالم أنها النهاية، وإذا شعبها يتكاتف ليأخذ موضعه وسط أكبر الدُّول!! ولنا نحن الاختيار: أيّ الدول نريد أن نكون؟!
«لا» لعبارات اليأس
تقول الكاتبة والشاعرة والناشطة الأمريكية «أليس وُوكر»: «الطريقة الشائعة لتخلي الناس عن قوتهم هي: اعتقادهم أنهم لا يملِكون أيّ قوة!». فإن تأملنا ما كان يحدث بعد هجمة ١٩٦٧م، وفي أثناء «حرب الاستنزاف»، من دعاية «إسرائيل» لتفوقها العسكريّ وتصديرها للعالم صورة «الجيش الذي لا يُقهر» و»الخط الذي لا يُقهر»، لَتوقفنا فخورين أمام ما صنعه أبطال «مِصر»؛ فقد كان بمقدور تلك الدعاية التي لم تتوقف بل صدقها العالم أن تُحبط عزيمة المِصريِّين وتُفقدهم الأمل في تحقيق النصر…
وللحديث بقية
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ