تكلمنا في المقالة السابقة “عُبور الحاضر” عن أهمية عُبور المِصريِّين أزمات الحاضر وصعابه؛ وذٰلك بتكاتف الجميع معًا في خطًى وثّابة نحو هدف واحد، وفي تحدٍّ لأية محاولة تبُث اليأس ولا تهدُف إلا أن نفقد الأمل في تحقيق المستقبل الذي نتمناه؛ وقد ذكرنا مثال الدعاية المحبطة التي حاول العدُو أن يدُسها في أنفس أبطالنا.
وقد ازدادت شراسة تلك الأفكار يومًا بعد يوم، حتى إنه في أثناء “حرب أكتوبر” ألقى الجُنود الإسرائيليُّون منشورات من طائراتهم على جُنودنا محتويةً على صورتين: الأولى لأحد الجنود حاملاً زميله الجنديّ وعائدًا به إلى أسرته وهو قد مات والأسرة تبكي، والثانية عودة جنديّ وهو حيّ إلى أهله وهم يستقبلونه بالفرح، محتوية المنشورات على عبارات: “الحل في يدك للرُّجوع إلى أولادك وأهل بيتك: مثل ذٰلك (وسهم يشير إلى الجنديّ الميت)، أو مثل ذٰلك (وسهم يشير إلى الجنديّ الحيّ). ارمِ سلاحك! واتجِّه نحو الغرب إلى اتجاه قناة السويس.”. إلا أن عبارات اليأس لم تُرهب من قرروا ووضعوا أفكارهم وقلوبهم بل حياتهم من أجل تحقيق النصر هدفًا لهم، بل الأكثر من هٰذا أنهم أظهروا البطولات التي حطمت جميع تلك الأفكار حتى انتزعوا كلمات قادة العدُو أنفسهم من صُدورهم فقالوا: “إن الحرب قد أظهرت أننا لسنا أقوى من المِصريِّين، وأن هالة التفوق والمبدأ السياسيّ والعسكريّ القائل أن إسرائيل أقوى من العرب وأن الهزيمة تلحق بهم إذا اجترؤوا على بَدء الحرب هٰذا المبدأ لم يَثبُت …”. وقيل أيضًا: “إن من أهم نتائج «حرب أكتوبر ١٩٧٣م» أنها وضعت حدًّا لأسطورة «إسرائيل» فى مواجهة العرب …”؛ هٰذا ما صنعه المِصريُّون في وقت الحرب، عندما تكاتفوا ووضعوا نُصب أعينهم هدفًا ظلوا يعملون من أجله سنوات وسنوات، حتى تمكنوا من تحقيقه بطريقة أذهلت العالم. واليوم، يمكننا أيضًا أن نحقق النصر دون الالتفات إلى تلك العبارات المويَئِّسة التي يمكن أن تواجهنا في طريق مسيرتنا، محاولةً أن تُلقي بظلالها كي يندس اليأس خُلسةً في قلوب الجميع.
عمل نحو الهدف
من الجيد أن نكون معًا، وأن لا نستسلم لعبارات اليأس. ولٰكن في الوقت نفسه، وجب علينا أن نتحرك بخطوات إيجابية وسريعة نحو الهدف: “بناء مستقبل مِصر”. إن وُجود هدف لا تعمل من أجله، بكل ما لديك من طاقة، ما هو إلا حُلم ستستيقظ منه سريعًا، وستجد أنك ما تزال واقفًا في موضعك دون حَراك!! بل ربما وضعك يكون قد ازداد سوءًا. وبينما يتحرك العالم من حولك بخُطوات واسعة سريعة، تكون أنت … وللحديث بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ