حالة قلق وترقُب تجتاح العالم جراء تداعيات التغير المناخي التى باتت واقعا ملموسا يُهدد حياة ملايين البشر بل وجميع أشكال الحياة الأخرى على الأرض، فى ظل ارتفاع درجة الحرارة بمعدلات قياسية وما ترتب على ذلك من زيادة تواتر العديد من الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والأمطار الغزيرة وموجات الحرارة والجفاف.
لقد أدت الأنشطة البشرية المرتبطة بالصناعة وإنتاج الكهرباء والزراعة والنقل وإزالة الغابات إلى زيادة كبيرة غير مسبوقة فى تركيز غازات الدفيئة فى الغلاف الجوي حيث ارتفع متوسط تركيزات ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وغيرها من غازات الدفيئة التى تسببت فى زيادة الاحترار العالمي وما نجم عنه من آثار هددت النظم الطبيعية والبشرية .
وانطلاقا من هذه الحقائق، تبرز أهمية مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ “كوب 29” كأحد أهم المنصات العالمية لمواجهة التحديات البيئية ومعالجة قضايا تغير المناخ. يجمع المؤتمر ممثلين من جميع أنحاء العالم لمناقشة حلول فعّالة تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الاستدامة، وحماية النظم البيئية من الأضرار المتزايدة.
هذا وقد وصل نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، والأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية، أمس الإثنين، إلى عاصمة أذربيجان باكو، للمشاركة في فعاليات الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29).
يشارك نيافته ضمن وفد ديني مصري بارز يضم فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وفضيلة الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، ووكيل الأزهر الشريف، والمستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين. هذا إلى جانب مشاركة وفود دينية رفيعة المستوى من الفاتيكان، وروسيا، وجورجيا لتعزيز التضامن الدولي في مواجهة التغير المناخي.
وفى تصريحات لنيافة الأنبا إرميا على هامش مشاركته فى الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ، والتي تنعقد في باكو عاصمة أذربيجان، أكد أن التغير المناخي يُمثل تهديدا عالميا يتطلب تضافر الجهود من مختلف الأطراف، مشيرًا إلى التقديرات العالمية التي تحذر من موجات نزوح واسعة النطاق بحلول 2050 بسبب آثار المناخ، ومشددًا على أهمية المؤسسات الدينية في رفع الوعي وحشد الدعم للتصدي لهذه التحديات.
وتابع نيافته قائلا : “بإمكاننا بناء مستقبل أخضر قائم على العدالة البيئية، من خلال جهود مشتركة بين الحكومات، والمجتمع المدني، ومؤسسات القطاع الخاص، والمؤسسات الدينية، لتحقيق التوازن بين الإنسان والطبيعة.”
ومن جانبه، دعا وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري قادة الأديان إلى التعاون من أجل حماية البيئة واحترام الأكوان وإكرام الإنسان، مشيرًا إلى أهمية وقف الحروب والنزاعات التي تعوق جهود التنمية البيئية. كما أعرب عن دعم مصر لوقف العدوان على الأشقاء في فلسطين ولبنان، ودعا الجميع للعمل على تحقيق العدالة ورفع الظلم عن الشعوب المتضررة، مؤكدًا أن القيم الإسلامية تعكس احترامًا عميقًا للطبيعة والحفاظ عليها.
كما أكد فضيلة مفتي الجمهورية على أن الأديان جاءت لترسيخ قيم السلام والعدالة، ودعا إلى استخدام التنوع الديني كوسيلة لتعزيز السلام بدلاً من الصراع. وأضاف: “التنوع الديني سبيل للتعارف وليس للصراع؛ وعلينا جميعًا أن نتعاون ونتكاتف لرفع الظلم عن الشعوب المظلومة، وفي مقدمتها شعب فلسطين.”
تعكس مشاركة الوفد المصري في قمة COP29 أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والمجتمع الدولي لتحقيق العدالة المناخية، وتهيئة الظروف لتحقيق استقرار عالمي مشترك.
ومن المتوقع أن يُشارك في مؤتمر “كوب 29” أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى الشخصيات البارزة وآلاف الخبراء والصحفيين ونشطاء العمل المناخي، إلى جانب ممثلي الشركات والمنظمات غير الحكومية. وسيُعقد المؤتمر خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر الجاري.