إنجيل هٰذا الأحد من (متى ٤: ١-١١)؛ وهو “أحد التجرِبة”، الذي فيه سمح السيد المسيح للشيطان أن يجربه! وإن كنا نلحظ أن هٰذه الحرب قد جاءت بعد أن صام السيد المسيح أربعين نهارًا وأربعين ليلة، ما يوضح عدم احتمال الشيطان لكل ما هو روحيّ. فحين تبدأ عملًا روحيًّا، استعد لحرب من الشيطان؛ ونجد ذٰلك واضحًا في “سفر حكمة يشوع بن سيراخ”: “يا بُني: إن أقبلتَ لخدمة الرب الإلٰه، فاثبُت على البِر والتقوى، وأعدِد نفسك للتجرِبة.”. ولٰكن لا تقلق: فقد قدم لنا السيد المسيح طريق الانتصار على تلك الحُروب.
أولًا: الحروب الجسدية
وهي الحروب التي تنتاب الإنسان فتسبب له القلق على الطعام والشراب وحاجات الجسد: “فتقدم إليه المجرِّب وقال له: «إن كنتَ ابن الله فقُل أن تصير هٰذه الحجارة خبزًا».”. إنها حرب تحاول أن تُفقد الإنسان سلامه وثقته بعناية الله به. إلا أن سر الانتصار هنا يكمن في معرفة الإنسان لكلمة الله الصادقة في أنه يعتني بأبنائه ويعلم جميع حاجاتهم.
ثانيًا: الحُروب الروحية
وفيها يحاول الشيطان أن يخدع الإنسان روحيًّا ويصيبه بالكبرياء الروحيّ كي ما يسقط سريعًا مبتعدًا عن الطريق الروحيّ. وفي تلك الحرب: كثيرًا ما يستعمل الشيطان كلمات “الكتاب” كي ما يحاول تضليل الإنسان: “ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدَّسة، وأوقفه على جَناح الهيكل، وقال له: «إن كنتَ ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه مكتوب: أنه يُوصي ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تَصدِم بحجرٍ رجلَك».”. وفي تلك الحرب: على الإنسان أن تكون له المعرفة الحقيقية بالأمور الروحية، لا من خلال فكرة أو آية واحدة، بل يكون له العمق والفَهم الكافيَين لكلام الله وكذٰلك التمييز ليُدرك فخاخ عدُو الخير.
ثالثًا: الحروب النفسية
وهي حرب القوة التي يقدمها الشيطان للإنسان، محاولًا إيهامه أنه كلما امتلك المال أو السلطة امتلك القوة والسعادة، في حين أنه قد صار عبدًا لهما! “ثم أخذه أيضًا إبليس إلى جبل عالٍ جدًّا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال له: «أُعطيك هٰذه جميعها إن خرَرتَ وسجدتَ لي»”.
لذٰلك على الإنسان أن يُدرك حُروب العدُو، متمسكًا بكلمات السيد المسيح طالبًا إليه الحكمة والمعونة إذ بدونه لا نقدِر أن نفعل شيئًا.