فصل الإنجيل لهٰذا الأحد من (لو ١: ١-٢٥)، يحادثنا عن بشارة رئيس الملاك الجليل “جَبرائيل” لـ”زكريا الكاهن” بميلاد “يوحنا المَعمَدان”، ونجد فيه:
وقتًا محددًا
لقد كان “زكريا الكاهن” وامرأته بارَّين أمام الله، ينفذان جميع وصايا الله وأحكامه، إلا أنهما لم يكُن لهما طفل ما قد سبب لهما كثيرًا من الحَُزَْن؛ ومن المؤكد أنهما رفعا كثيرًا من الصلوات من أجل أن يهب لهما الله نسلًا، حتى فقَدا كل رجاء حين صارا شيخين متقدمَين في الأيام. إلا أن حسابات الزمن لدى الله تختلف كثيرًا وتعلو عن أفهامنا، ففي الوقت الذي قد فقدا كل أمل، أعلن الله لـ”زكريا” في رؤيا أنه سيولَد له نبيّ عظيم سيسميه “يوحنا”: “فقال له الملاك: «لا تخَف يا زكريا، لأن طلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا.”.
لم يكُن “يوحنا” طفلًا عاديًّا، بل كان نبيًّا وأعظم مواليد النساء!! كما شهد له السيد المسيح، فقد ذكر عنه الملاك: “ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرون سيفرحون بولادته: لأنه يكون عظيمًا أمام الرب، وخمرًا ومُسْكرًا لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلٰههم، ويتقدم أمامه بروح إيلِيّا وقوته، ليرُد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًّا.”.
وهٰكذا أنت أيضًا: ثِق أن الله يرى أعمالك ومحبتك، ويعرِف طلباتك جيدًا، وأنه سيهب لك أعظم جدًّا مما تطلب أو تفتكر، ولكن اُترك له الوقت، وضَع جميع أمورك بين يديه، وقُل له: “لتكُن مشيئتك”. ولا تقلق، ففي ملء الزمان سترى أعمالًا لم تمر بخاطرك أو بفكرك يقدمها الله إليك!!
إلٰه المستحيل
مع أن “زكريا” كان كاهنًا بارًّا، أي إنه يعلم الشريعة ويعلّمها ويعمل بها، فإن ذهنه البشريّ لم يمكنه من قبول فكرة ولادة طفل في شيخوته هو وامرأته: “كيف أعلم هٰذا، لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟!”. لم يتذكر “زكريا” في ذٰلك الوقت أن أبانا “إبراهيم” قد ولد “إسحاق” وهو وامرأته “سارة” كانا طاعنَين في السن!! إنه “إلٰه المستحيلات”.
وأنت أيضًا: ثِق في إلٰه المستحيلات، فالله هو هو: أمس، واليوم، وإلى الأبد، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران؛ هو الإلٰه القادر أن يهب لك كل ما هو لخيرك، وهو حافظك، وهو سندك، وحصنك الأمين في رحلة هٰذا العالم. إن الله لا يترك محبيه وطالبيه، ولا يدَعهم يجرَّبون فوق ما يستطيعون. كل ما تحتاجه ثقة بلا حُدود أو شروط بالله الذي لا يُحَدّ في قدرته وعظمته ومحبته وخيره.