القى قداسة البابا تواضروس الثانى عظته الأسبوعية يوم الاربعاء الموافق 13-8-2014 بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعنوان (فضائل ومعوقات حياة الرضا)
تحدثنا فى الاسبوع الماضى عن حياة الرضا ، ولأننا فى فترة نهضة صوم أمنا السيدة العذراء فأننا نضعها امامنا مثال قوى عن حياة الرضا، وقلنا ان هذه الفضيلة يحتاجها الانسان فى حياته، وفى الاسبوع الماضى تكلمنا عن طبيعة حياة الرضا وصفات الانسان الذى يعيش فى حياة الرضا وركزنا فى العبارة التى قالها القديس بولس الرسول فى رسالة فيلبي “قد تعلمت ان اكون مكتفيا بما انا فيه” و اليوم يقول لنا “حاجاتى وحاجات الذين معى خدمتها هاتان اليدان” وايضا يقول “فضة او ذهب او لباس احد لم اشته
اليوم نتكلم عن فضائل حياة الرضا ومعوقات حياة الرضا وجيد ان نضع امنا العذراء مريم كمثال فى هذه الحياة التى نحتاجها جميعا
الانسان الذى يحيا حياة الرضا هو انسان له فضائل، الرضا ليست فضيلة واحدة ولكنها مجموعة فضائل
.
حياة الرضا فيها ثلاث فضائل اساسية
• تقديم الشكر الدائم للمسيح:- انسان شاعر بعطايا الله ويشكره يوميا على حياته صحته وتسديد احتياجاته وعلى غفران خطاياه وعلى نصيبه فى الحياة الابدية المتاحة امامه وأيضاُ على وجود كنيسة يقدم فيها عباداته وعلى وجود خدمة وعلى وجود مجتمع، انسان نبضات قلبه فى كل وقت تشكر المسيح على هذه العطايا التى لا يمكن ان يحصرها الانسان.
حياة الرضا فيها حياة الشكر ويقول القديس كيرلس الكبير “ليست عطية بلا موهبة الا التى بلا شكر”
• الاعتماد التام على المسيح:- “حتى ان سرت فى وادى ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معى” الانسان الراضى يشعر ان اتكاله هو المسيح، عندما خرج موسى النبى مع الشعب كان يثق تماما ان الله سيتصرف حتى خاطبه الله ان يضرب البحر بعصاه فينشق البحر وتصير معجزة، وعندما تقابل المسيح مع زكا الذى كان عشارا وله شهره لكنه عندما تواجد مع شخص السيد المسيح تغير فيه كل شئ ولم يعد اعتماده على المال وصار اعتماده على شخص المسيح
المسيح يستطيع عندما تعتمد عليه وانت فى حياة الرضا أن يغير فى الطبائع والمشاعر
ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم “الله لا يعطينا عندما نتكاسل، الله يعطينا عندما لا نستطيع”
• حياة اﻻنسان الراضى هدفها المسيح:- لان حياة الرضا تعطيك الفرصة للعشرة مع المسيح، الانسان الراضى هدفه شخص المسيح وقد يكون المسيح هو الشخص الذى تتقابل او تتعامل معه فى دراسة او عمل او خدمة، تجده دائما يظهر المحبة، الحياة التى هدفها المسيح حياة نقية انسان يعيش هذه التقوى يعيش ومخافة الله فى قلبه، فهو يشعر الحضور اﻻلهى دائما امامه، ويقول لنا سفر التثنية “تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به ﻻنه هو حياتك”. اﻻنسان الراضى مسيحه امامه دائما ومن هنا تكون البركة ؛ التى هى النعمة النازلة من فوق والشكر المتصاعد من اسفل كانه طريق اتجاهين اتجاه النعمه النازله من عند الله وانت شاعر بها وترى معطيها المسيح وفى نفس الوقت الشكر المتصاعد وموجه لشخص المسيح صاحب كل النعم فى حياتك .
احيانا اﻻنسان لا يشعر بحلاوة ماهو فيه الا عندما يتركه، عطايا الله لنا فى وقتها بأى صورة من الصور حتى ان كانت الصورة غير واضحة امامنا هى لخير اﻻنسان ولفرح اﻻنسان
.
والسؤال المهم هو ما الذى يعيق حياة الرضا ؟
قول القديس ما اسحق “اصطلح مع نفسك تصطلح معك السماء واﻻرض” الانسان المتذمر على حياته واختياراته تكون النتيجة انه يتوه فى العالم ، اما اﻻنسان الراضى الذى يبذل كل مافى وسعه ينجح فى طريقه، ويقول الكتاب “تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك”
.
ما الذى يمنع اﻻنسان ان يعيش حياة الرضا :
• ذات اﻻنسان:- هو لا يرى فى الوجود غير نفسه وبالتالى لا يستطيع ان يحب اﻻخرين لهذا ﻻ يستطيع ان يشكر على شئ ويعيش فى اﻻنانية ، ويقول القديس بولس “مغبوط هو العطاء” ممكن عطائك يكون مجرد ابتسامة، الشخص الذى يحيا فى الذات يعيش باحساس السلطة انه حاكم وهذا اﻻحساس يدمره ولا يستطيع ان يشعر بحياة الرضا، فالذات تبنى جدار يمنعه من ان يشعر بالرضا ويكون دائم التذمر، الذات تصنع جدارا بينك وبين الله وتعيش فى قوقعة ذاتك ولا ترى اﻻخر وتكون النتيجة الا يتمتع اﻻنسان بحياته ولا يحيا حياة الرضا
• طمع الإنسان:- الطمع فى امور مادية او فى امور معنوية او الرغبات بصفة عامة ويقولون ان السير فى البرية يميت الشهوات، اﻻنسان الذى يعيش وقلبه ممتلئ بشهوات ﻻ تحصر تكون النتيجة انه انسان لا يستطيع ان يحيا فى الرضا، احذر الطمع لانه يضيع الذى معك
• إلتواء الإنسان:- اﻻنسان الملتوى او الغامض او انسان يحيا فى تعالى وجمود فكرى ولديه قدر كبير من العناد او حب التملك مثل هذا اﻻنسان لا يستطيع ان يعيش حياة الرضا، القديس اغسطينوس نشأ فى بيت بسيط وتعلم الخطابة لكنه لم يكن راضيا عن نفسه وكان يهزأ من دموع امه ولما صار شابا ترك بلده فى الجزائر وذهب الى ميلانو فى ايطاليا ذهب لبحث عن الخطابة فوجد ضالته فى القديس امبرسيوس اسقف ميلانو الذى اعجب به كخطيب ولكن شاءت نعمة الله ان تقع فى يده قصة حياة القديس اﻻنبا انطونيوس الذى كتبها القديس اﻻنبا اثناسيوس فى اوروبا اثناء نفيه وكأن النعمة حاصرت هذا الرجل ودموع امه وعظات القديس امبروسيوس وحياة القديس اﻻنبا انطونيوس فبدأ يعرف حياة الرضا وكيف سجلها من خلال كتابه اعترافات اغسطينوس كيف كان متذمرا وكيف تاب وصار راضيا، الذمر مرتبط بالخطية والتوبة احد ملامحها حياة الرضا.