قبلت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة تدخل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية باعتباره رمزا دينيا منضما لجهة الإدارة لمنع هدم كنيسة برشيد بمحافظة البحيرة تم بيعها للمدعى من بطريكية الروم الأرثوذكس وتم تسجيل عقد البيع، في حكم تاريخى خطير يؤكد حرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية.
وأكدت المحكمة مجموعة من المبادئ القانونية في هذا المجال أهمها أنه لا يجوز هدم الكنائس أو تحويلها لغير غرض العبادة وأن بيع بطريركية الروم الأرثوذكس الكنيسة للغير بقصد هدمها مخالفا للنظام العام ولحكم المحكمة الدستورية العليا الذي ساوى بين المسجد والكنيسة في كونهما دار للعبادة.
ولأول مرة قبلت المحكمة تدخل البابا تواضروس في الدعوى بهدف حماية كنسية من هدمها باعتباره رمزا دينيا للديانة المسيحية بغض النظر عن الطوائف والملل وأكدت أيضا على حظر هدم الكنيسة ولو بيعت بعقد مسجل ولو صدر حكم بها لأن حكم الدستورية سابق عليها ويسمو على جميعها.
وأكدت كذلك أن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة انتهت إلى أنه لغير المسلمين في ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلا تهدم كنائسهم واذا تهدمت يجب إعادتها كنيسة،
وناشدت المحكمة مجلس النواب بتنفيذ رغبة المشرع الدستورى بالإسراع في إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس في أول دور انعقاد له، وأكدت أن الكنائس كالمساجد ليست محلا للبيع أو الشراء وتعد دارا للعبادة بمجرد الصلاة فيها ونوهت إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت منذ 12 سنة حكما بتساوى الكنيسة مع المسجد كدار عبادة وحكم الدستورية يسمو على العقود المسجلة والأحكام اللاحقة لصدور حكم الدستورية وأكدت المحكمة أنها تستنهض عدلها لرد غائلة العدوان من أي سلطة على قضاء المحكمة الدستورية وعلى دار عبادة.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاته نائبى رئيس مجلس الدولة، بقبول تدخل كل من البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية للاقباط الارثوذوكس، الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح للاقباط الارثوذكس، القمص لوقا اسعد عوض عن نفسه وبصفته وكيل شريعة الاقباط الارثوذكس برشيد، الفونس ميخائيل عن نفسه وبصفته ناظر كنيسة ام النور برشيد.
كما قضت بتأييد قرار الجهة الإدارية برشيد محافظة البحيرة السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم عقار عبارة عن 13 محلا والكنيسة محل عقد البيع المسجل من بطريكية الروم الارثوذكس بالإسكندرية للمدعى والزمته المصروفات.
وقبلت المحكمة تدخل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية باعتباره رمزا دينيا، وقالت المحكمة أن المشرع الدستورى نص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة دور العبادة لأصحاب الاديان السماوية حق ينظمه القانون ومن ثم صار كل ما يتعلق بدور العبادة لأصحاب الاديان السماوية من الحقوق التي رفعها المشرع الدستورى إلى مصاف الحقوق الدستورية تقابلها حرية ممارسة الشعائر الدينية وبهذه المثابة فان البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية رمزا دينيا يكون له ومن معه مصلحة في التدخل في الدعوى للدفاع والزود عن الكنيسة التي هي مكان العبادة للديانة المسيحية بغض النظر عن اختلاف الطوائف والملل فمصلحتهم قائمة في الابقاء على الكنيسة كدار عبادة للمسحيين مما يتعين معه الحكم بقبول تدخلهم في الدعوى الماثلة.
وأصدرت المحكمة الدستورية منذ 12 سنة حكما بتساوى الكنيسة مع المسجد كدار عبادة وحكمها ملزم لسلطات الدولة، وأوضحت المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا ذهبت في حكمها الصادر في 7 مارس 2004 أي منذ 12 عاما إلى أن قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 حظر الرجوع أو التغيير في وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة إلى هذا الحكم رغم تساويها مع المسجد في كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى أن هذه التفرقة مخالفة للدستور الأمر الذي مؤداه أن الكنيسة تأخذ حكم المسجد كدار عبادة مخصصة للمارسة الشعائر الدينية.
وأضافت المحكمة أنه وفقا لاحكام المحكمة الإدارية العليا فان المساجد متى أقيمت واذن فيها بالصلاة تخرج من ملكية العباد إلى ملكية الله سبحانه وتعالى ولا ترد عليه تصرفات البشر ويقوم بالإشراف عليها أولى الأمر وان المسجد إذا اصبح في حكم ملك الله تعالى فلا يمكن يعود إلى ملك بانيه لأن الامة اجمعت على أن بقعة الأرض إذا عينت للصلاة بالقول خرجت بذلك من جملة الاملاك الخاصة بصاحبها وصارت عامة لجميع المسلمين وينصرف ذات الحكم على المكان الذي تم تخصيصه كنيسة وتم أداء الصلاة فيه فلا ترد عليه تصرفات باعتبارها دار عبادة أعمالا لحكم الدستورية العليا وأحكامها ملزمة لكافة سلطات الدولة.
وأعلنت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة، أنه لغير المسلمين في ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلايجوز هدم كنائسهم وإذا تهدمت يجب إعادتها كنيسة:
وقالت المحكمة إن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة عن مدى مشروعية هدم الكنائس وبيعها وشرائها وفقا لاحكام الشريعة الإسلامية جاء فيها – كما قدمه البابا توضروس ضمن حافظة مستنداته – ما نصه ( أن لغير المسلمين في ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلايجوز هدم كنائسهم واذا تهدمت كنيسة فللذميين اعادتها لأن الأبنية لا تبقى دائما) وانتهت لجنة الفتوى بالأزهر إلى ما نصه: (لا يجوز التعرض للكنائس أو الاديرة بالهدم أو الاعتداء عليها أو تحويلها لغير الغرض الذي أقيمت من أجله ومن فكر في ذلك فلم يستجب لقران ربه واحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يحسن الجوار ولم يرع عهده ولم يظهر بمظهر التسامح الذي هو من أبرز صفات المسلمين فقد خان الله ورسوله وذمة المسلمين).
وناشدت المحكمة مجلس النواب لتنفيذ رغبة المشرع الدستورى بالإسراع في إصدار قانون بناء وترميم الكنائس في أول دور انعقاد له، وقالت المحكمة أنه لا يفوتها أن تناشد مجلس النواب بان يسرع في إصدار قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية تنفيذا لرغبة المشرع الدستورى الذي الزم مجلس النواب في حكم خاص بالمادة 235 من الدستور بان يصدر هذا القانون في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور والوارد في الفصل الثانى الاحكام الانتقالية.
ويوضح ذلك أن المشرع الدستورى اوجب ترميم الكنائس فاذا ما إصابةا التلف أو اعتراها العثر تعين ترميمها بما يكفل الابقاء عليها ويمنع ازالتها من الوجود حرصا على دوام بقاء دور العبادة الخاصة بالديانة المسيحية كإحدى الديانات السماوية، وهو ما يؤكد سلامة ما انتهت اليه المحكمة من أن الكنائس ليست محلا للبيع أو الشراء على نحو ما انتهت اليه في قضائها الماثل.
أشارت المحكمة إلى أنه قد ثبت لديها بيقين أن العين محل الدعوى كنيسة تم هدم اجزاء منها ومن ثم فلايجوز أن تكون محلا للبيع حتى ولو تهدمت كليا حيث يتعين ترميمها أو إعادة بنائها مرة أخرى بوصفها دار عبادة لا يجوز تغيير الغرض المخصصة لأجله، ولما كان المفهوم الصحيح للقرار الإداري السلبى أن يقوم امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه قانونا وذلك يكون بداهة في الحالات المشروعة التي يشكل الامتناع فيها الركن الركين في القرار الإداري السلبى اما في الحالات غير المشروعة أصلا مثل كون محل القرار المطعون فيه هدم كنيسة مشمولة بالحماية الدستورية والقانونية فلا يكون هناك ثمة واجب على الجهة الإدارية في إصدار مثل هذا القرار قانونا ويكون امتناعها عن إصداره والحال كذلك متفقا وصحيح حكم القانون ومن ثم يضحى امتناع جهة الإدارة عن إصدار ترخيص بهدم الكنيسة محل التداعى قائما على سبب صحيح يبرره قانونا.
وقالت المحكمة إن الثابت بالأوراق أن بطريركية الروم الارثوكس برشيد باعت للمدعى وشركائه بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 5 مارس 1990 مساحة 1000 متر مربع مع المبانى المقامة عليها وهى عبارة عن دكاكين ومبنى دار عبادة وقام بالتوقيع بالبيع كبائع بطريرك الروم الارثوذكس وحرر شهادة بذلك بها نصا أن البطريركية تشهد بأنها باعت العقار المملوك لها برشيد والمعروف باسم كنيسة الروم الارثوذكس وشهادة مؤرخة 9 أبريل 1990 وجاء بها أن البطريركية توافق على هدم المبنى بما فيه الجزء المخصص لدار العبادة بقصد استغلال الأرض حسبما يراه المشترون.
ثم قام المدعى وباقى المشترين بتسجيل عقد البيع بتاريخ 30 يوليو 2008 بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 شهر عقارى دمنهور، أي في تاريخ لاحق على حكم الدستورية الصادر عام 2004.
وأوضحت المحكمة أن الثابت من مطالعة الصورة الرسمية لتقرير الخبير المقدم ضمن حافظة مستندات البابا تواضروس الثانى بجلسة 9 يوليو 2014 أن العقار محل الدعوى عبارة عن 13 محل وكنيسة لها منارتان وعليها صليب ويقام فيها الصلاة والكاهن موجود داخل الكنيسة ويوجد بها جزء متهدم بفعل فاعل وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتطرح به ما ورد بمعاينة النيابة العامة التي تمت في 7 ديسمبر 2004 من أن المبنى مهجور ولا توجد به مظاهر لاقامة شعائر دينية باعتبار أن تقرير لجنة الخبراء بوزارة العدل مؤرخ 27 يناير 2009 أي لاحق على تاريخ معاينة النيابة العامة الأمر الذي تنطق معه أوراق الدعوى بما لا يدع مجالا للشك أن العقار محل الدعوى كنيسة وهو ما ثبت بالعقد المسجل ذاته رقم 514 لسنة 2008 من أن المبيع برج كنيسة متهدم وأرض فضاء وبعقد البيع الابتدائى وبالشهادة الصادرة عن بطريركية الروم الارثوذكس وبمعاينة لجنة الخبراء بوزارة العدل.
وأشارت المحكمة أن طلب المدعى إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم كنيسة الأروام الأرثوذكس برشيد مستندا إلى ملكيته لها بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 الذي تم تسجيله بعد سريان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 21 ق دستورية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 مارس 2004 غير جائز قانونا باعتبار أن كلا من المسجد والكنيسة متى أقيمت فيهما الصلاة وتم تخصيصها للعبادة بالقول أو بالفعل انتقلا من ملكية العباد إلى ملكية رب العباد ولا يجوز أن يكونا محلا لاى تصرف كالبيع أو الاجارة أو الرهن واى تصرف من هذا النوع يرد عليها يعد تصرفا باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام ولمبادئ الشريعة الإسلامية التي هي جزء اصيل من النظام العام الأمر الذي يضحى معه تصرف البطريركية القائمة على شئون الاروام الارثوذكس ببيع الكنيسة برشيد تصرفا باطلا لا ينقل الملكية لوروده على دار عبادة ولا يعتد به قانونا حتى ولو تم تسجيله.
وأضافت المحكمة أنه لا يغير من ذلك ما تذرع به المدعى من صدور حكم لصالحه ضد هيئة الأوقاف المصرية في الاسئنافات الصادرة بجلسة 14 نوفمبر 2007 ةالتى ورد بها ما نصه (ينحسر عن العقار وصف دار عبادة ولا يتعبر من الأموال العامة وان الكنيسة تهدمت واندثرت معالمها وان المدعى هو المالك للعقار بالشراء من البطريركية وان عقد شرائه ينتفى عنه البطلان) ذلك مردود عليه بان حجية الأحكام نسبية قاصرة على أطرافها دون أن تتعداهم إلى غيرهم ممن لم يمثلوا بالخصومة الصادر فيها تلك الأحكام، ومن ثم فان حجية هذا الحكم قاصرة على المدعى وهيئة الأوقاف فقط ولا يجوز أعمالها على الدعوى الماثلة لاختلاف الخصوم فضلا عن أن احكام المحكمة الدستورية العليا تعلو وتسمو على ماعداها من الاحكام الصادرة من المحاكم الاخرى اللاحقة لحكم الدستورية وعند التعارض يتعين أعمال حكم المحكمة الدستورية بوصفه ذو حجية مطلقة في مواجهة كافة سلطات الدولة طبقا لقانون تلك المحكمة ولحكم المادة 195 من الدستور
كما لم يغير من ذلك ممااورده المدعى من صدور حكم لصالحه في الدعوى رقم 534 لسنة 1997 مدنى جزئى رشيد فذلك الحكم لم يصدر لصالحه وانما صدر ضده برفض طلبه إلزام الوحدة المحلية بالتعويض عن عدم إصدارها قرار بهدم الكنيسة.
واختتمت المحكمة حكمها المهم انها تستنهض عدلها في رد غائلة العدوان على قضاء المحكمة الدستورية العليا ذلك أن احكام المحكمة الدستورية مستمدة مباشرة من الدستور وولايتها في مجال الرقابة الدستورية ومرجعها إلى احكامه فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها وكلمتها هي القول الفصل وبهذه المثابة فان تلك الاحكام الدستورية تلزم كل سلطة بالعمل على مقتضاها وضبط سلوكها وفقا لفحواها فلا يجوز لأي جهة أو سلطة في مصر التحلل من ربقة قضاء المحكمة الدستورية العليا أو مجاوزة مضمونة وإلا عد ذلك افتئاتا على الحقيقة الدستورية التي كشفت عنها أحكام تلك المحكمة.