كثيرًا ما تحدثنا عن أهمية عمل الخير في حياة الإنسان، وأنه أحد المبادئ الإنسانية بل هو من الطبيعة التي تَميز البشر بها ويُريدنا الله ـ تبارك اسمه ـ أن نبقى عليها. ومن أعمال الخير التي ترتقي بالإنسان هو حفاظه على مشاعر الآخرين. بعض الناس يحُدون الخير في العطاء الماديّ بأنواعه وأساليبه كافةً، ولٰكننا في حقيقة الأمر علينا أن نُدرك أن دائرة الخير تتسع لجوانب الحياة جميعها لتتكامل معًا؛ فعلى سبيل المثال: كيف تشعر بذٰلك الذي يقدم من أمواله إلى المحتاجين لٰكنه يظلم أحدًا أو يجرح مشاعر آخر؟! أيمكن أن يشعر الإنسان بتلك المشاعر المؤلمة التي تمر بأولٰئك المحتاجين إلى المال أو غيره من الأمور المادية، وفي الوقت نفسه لا يشعر بمرارة وألم آخرين ظُلموا أو جُرحت مشاعرهم؟!! أعتقد أن من يشعر بألمٍ ما لإنسان أو باحتياجٍ لآخر يشعر حتمًا بكل ألم إنسانيّ أو بأيّ احتياج بشريّ إذ يمتلك القلب الشفوق نفسه أو النفس الرقيقة عينها التي استطاعت أن تصل إلى أعماق البشر.
لذٰلك، علينا أن يراجع كل منا حياته وسُلوكه نحو الآخرين من وقت إلى آخر، ويرى إلى أين هو من أعمال الخير التي يجب أن تتسع للبشر جميعًا!! مثلاً: أين نحن من العطاء بكل أنواعه ووسائله المادية والمعنوية؟! أين نحن من الحفاظ على كرامة كل إنسان إذ هو تاج خليقة الله عندما توجها بالإنسانية وبكرامتها؟!! أين نحن من الحفاظ على مشاعر الإنسان، حتى حين تقدم لهم ما يحتاجه ماديًّا؟! وهنا أتوقف عند كلمات الشاعر الأديب “جبران خليل جبران”: “أنت رحوم متى أعطيتَ. ولٰكن لا تنسَ وأنت تُعطي: أن تدير وجهك عمن تُعطيه فلا ترى حياءه عاريًا أمام عينيك.”!! وهو أيضًا يوضح جانبًا آخر في عطاء الإنسان يحفظ مشاعر البشر فيقول: “من الجميل أن تُعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولٰكن الأجمل من ذٰلك: أن تُعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته.”. عزيزي الإنسان، ليتك تُدرك أن مِن عمق العطاء الحقيقيّ: أن تُراعي مشاعر الآخرين عندما تبادر بتقديم ما تعرِف أنهم يحتاجون إليه، في غير انتظار لسؤالهم إياه.
أمر آخر يُضفي على حياتك عمقًا لإنسانيتك ويحقق عظمتها: أن لا تُسرع بكلماتك إلى جرح مشاعر إنسان؛ فذٰلك النوع من الجُروح عميق الأثر ويسبب إيلامًا مزمنًا وآلامًا شديدة لا تندمِل. يقول الكاتب الفيلسوف الفرنسيّ “ديدرو”: “حذارِ أن يسبق لسانك تفكيرك!”؛ فللكلمات أثر شديد في النفس وعندما تنطلق لا يمكنك أن تستعيدها مرة ثانية! قال الشاعر: