كان الحديث عن الله غير المجرب بالشرور، السامح بوقوع الشر الذى هو نتاج أعمال الإنسان، وعن كلمة الوزير «ﭼو رايت» التى جاءت تأصيلاً لتعاليم «المسيحية» و«الإسلام»؛ واليوم، نستكمله بقيم ورواسخ.
دعت «المسيحية» إلى العمل والاجتهاد فى كلمات الحكيم: «نَفْسُ الْكَسْلَانِ تَشْتَهِى وَلَا شَيىءَ لَهَا، وَنَفْسُ الْمُجْتَهِدِينَ تَسْمَنُ»، ونادى «الإسلام» بهما: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُواْ مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾. وعن قتل النفس، رفضته «المسيحية»: «لاَ تَقْتُلْ.»، والإسلام: ﴿وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾.
ودور الآباء فى التربية ذُكرته «المسيحية»: «أَدِّبِ ابْنَكَ لِأَنَّ فِيهِ رَجَاءً، وَلٰكِنْ عَلَى إِمَاتَتِهِ لَا تَحْمِلْ نَفْسَكَ»؛ وفى «الإسلام»: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّنْ شَىءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾. والمعروف أن القوة الحقيقية هى لله ـ تبارك اسمه، أما عن قوة الإنسان فـ«المسيحية» تقول: «أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالْأَشْرَارُ فِى الظَّلَامِ يَصْمُتُونَ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ»؛ وفى «الإسلام»: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا﴾. ورفضت «المسيحية» الرشوة: «وَلَا تَأْخُذْ رَشْوَةً، لِأَنَّ الرَّشْوَةَ تُعْمِى الْمُبْصِرِينَ، وَتُعَوِّجُ كَلَامَ الْأَبْرَارِ»؛ وفى «الإسلام»: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
أما عن «الشهوة»، فقد رفضتها الأديان؛ ففى «المَسيحية» يذكر الكتاب: «لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلَا عَبْدَهُ، وَلَا أَمَتَهُ، وَلَا ثَوْرَهُ، وَلَا حِمَارَهُ، وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ»؛ وفى «القرآن»: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾. وفى تلويث الإنسان لحياته بالخطيئة والفحشاء والمِثلية الجنسية، أعلنت «المسيحية»: «لِأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالْإِثْمِ.. فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِى أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلَالِهِمِ الْمُحِقَّ. وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِى مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لَا يَلِيقُ.»، و«لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ، مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِى الْعَالَمِ الْحَاضِرِ…»؛ وحذر «الإسلام»: ﴿َفَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾، «وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ». وعن قيم الأسلاف أوصت «المسيحية»: «اُذْكُرْ أَيَّامَ الْقِدَمِ، وَتَأَمَّلُوا سِنِى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. اِسْأَلْ أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ، وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لَكَ»؛ وفى «الإسلام»: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَى ثُمَّ إِلَى مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
إن الوباء الذى يشهده العالم اليوم هو فى حقيقة الأمر رسالة من الله إلى البشر: إن اجتياح الشر للعالم قد ازداد جدًّا، بل رفض متزايد من الإنسان أن يسلك فى طريق الحياة والخير!!، إنها رسالة افتقاد الله للبشر الحادية حياتهم عن الخير، السالكين طرقًا بعيدة عنه، مكتفين بذواتهم وبمعيشتهم. سطور الرسالة أيضًا هى إلى كل إنسان باتت ممارساته الدينية شكلاً ومظهرًا لا معنى وجوهرًا؛ هدف ضرباتها المتتابعة توبتهم ورجوعهم. لٰكن: هل تُدرَك مغزى الرسالة ويُستجاب لها؟!، فها «الكتاب» يصرح: «وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهٰذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ…»!!، وأرجو ألا يُظن أن الذين أصيبوا بالوباء هم الأشرار أو أكثر البشر سوءًا وشرورًا؛ فلقد أكد «السيد المسيح»: «وَكَانَ حَاضِرًا فِى ذٰلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هٰؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هٰذَا؟ كَلَّا! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذٰلِكَ تَهْلِكُونَ…». و… وفى «مِصر الحلوة» الحديث لا ينتهى!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى