بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية رقم 117، اسمه قبل الرهبنة «نظير جيد روفائيل»، ولد يوم 2 أغسطس 1923، في صعيد مصر بقرية سلام التابعة لمحافظة سوهاج، توفيت والدته بعد ولادته مباشرة فتولى رعايته والده ثم شقيقه الأكبر «روفائيل».
التحق بجامعة فؤاد الأول، قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير (ممتاز) عام 1947م.
وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية. وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليريكية عمل مدرسًا للغة العربية و اللغة الإنجليزية.
حضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذًا وأستاذاُ في نفس الكلية في نفس الوقت.
كان يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية ولقد كان ولعدة سنوات محررًا ثم رئيسًا للتحرير في مجلة «مدارس الأحد» وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العُليا في علم الآثار القديمة.
كان من الأشخاص النشطين في الكنيسة وكان خادمًا في مدارس الآحد. كان خادمًا بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة السيدة العذراء مريم، ثم خادماً بكنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا.
في أيام البابا شنودة الثالث، كان طلبة الجامعة معفيين من التجنيد. وكان من الممكن دفع بدل نقدى لمن يريد الإعفاء من الجيش. لكنه تطوع وهو لا يزال طالبًا في الجامعة. وقضى 3 سنوات فى التدريب العسكري اليومي في منطقة سيدي بشر أولاً ثم في المندرة بالإسكندرية. وكان في الجيش الأول بين الخريجين في مدرسة المشاة ثم اصبح ضباطًا برتبة ملازم بالجيش
التحق بالدير و رُسِمَ راهبًا باسم (انطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954، وقد قال قداسته أنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء. بعدها بعام نال نعمة الكهنوت و رسم قسيسا ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش قداسته حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرساً فيها كل وقته للتأمل و الصلاة.
قام نيافة الأنبا ثاؤفيلس بإسناد المكتبة الاستعارية والمخطوطات في دير السريان إلى قداسته وهو راهب، بعد أن تركها القس مكاري السرياني (الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة).
عمل سكرتيرًا خاصًا لقداسة البابا كيرلس السادس في عام 1959.
رُسِمَ أسقفًا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في يوم الأحد 30 سبتمبر 1962. وقد سامه الأنبا كيرلس السادس أسقفًا للتعليم والمعاهد الدينية مع الأنبا صموئيل أسقف الخدمات.
بعد نياحة البابا كيرلس السادس اختارت العناية الإلهية (الأنبا أنطونيوس المتوحد) عن طريق القرعة الهيكلية في 31 أكتوبر1971م ليصبح البابا شنوده الثالث بابا وبطريرك الكرازة المرقسية الـ 117 ونصب بطريركًا في 14 نوفمبر 1971م.
في عهد قداسته تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب، وأكثر من 400 كاهن وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر.
أولى قداسته اهتمامًا خاصًا لخدمة المرأة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وكان الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات رئيساً لمصر في هذا التوقيت، وشهدت هذه الفترة مشاحنات شديدة بينه وبين البابا شنوده الثالث خاصة بعدما نظم الأقباط في أمريكا مظاهرة مناهضة لـلسادات رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد، مما أدى إلى صدور قرار من أجهزة الأمن بتوقف البابا عن إلقاء درسه الأسبوعي وقرارا بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة واستقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة للتهنئة.
من هنا أصبحت قطيعة بين السادات والبابا شنوده بعدما أعلن البابا وجود اضطهاد للأقباط في مصر، وفي سبتمبر عام 1981م أصدر السادات قرارا بالتحفظ على 1531 من الشخصيات العامة المعارضة، وحدد إقامة البابا في الدير بوادي النطرون حتى جاء قرار بالإفراج عن المعتقلين عام 1985م في ظل حكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.
بالرغم من مسؤوليات قداسته العديدة والمتنوعة إلا أنه يحاول دائمًا قضاء ثلاثة أيام أسبوعيًا في الدير، وحب قداسته لحياة الرهبنة أدى إلى انتعاشها في الكنيسة القبطية حيث تم في عهده سيامة المئات من الرهبان والراهبات..
وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت.
في عهده زادت الإيبارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر العربية، وانتقلت الكنيسة القبطية من المحلية إلى العالمية.
تم تقديس وعمل الميرون المقدس والغاليلاون في عهده سبعة مرات: 1981 – 1987 – 1993 – 1995 – 2004 – 2005 – 2008.
عانى قداسته من أمراضٍ عدة عبر حياته، كان أكبرها هي آلام الغضروف في الظهر (العمود الفقري)، كما أصيب بمرض السرطان في الرئتين (ولم ينتشر المرض في أجزاء أخرى كما توقع الأطباء)، كما كان لديه بعض المشاكل الصحية في الكِلية، وكان يقوم بعمل غسيل كلية لسنوات طوال، وأحيانًا أكثر من مرة في الأسبوع. كما عانى من مشاكل صحية في القلب والسكر والضغط، كما تعرَّض لكسر عام 2006 م وهو في سن كبير، وخضع لعملية خاصة لهذا الغرض.
وقد تنيَّح قداسة البابا شنوده الثالث يوم السبت 17 مارس 2012 (الساعة الخامسة والربع بعد الظهر)، عن عمر يناهز 89 عامًا. وتم صلاة الجناز على جسده الطاهر يوم الثلاثاء 20 مارس 2012، وسط حضور العديد من ممثلي الكنائس في العالم ورجال السياسة ومئات الآلاف من الشعب المسيحيين والمسلمين.