ألقى قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعنوان “فضيلة البذل في معجزة شفاء المفلوج” قائلاً: دعونا نتوقف عند أصدقاء المفلوج الأربعة ونتأمل فى فضيلة البذل.
رقم 4 يرمز إلى 4 جوانب الكنيسة (الأسقف – الكاهن – الشماس – الشعب) فتعتبر مجموعة الخدام التى تقدم كل نفس إلى المسيح.
فكرة البذل أسسها السيد المسيح عندما قال :مغبوط هو العطاء أكثر من الاخذ” …. فالذى يقدم يكون أكثر سعادة من الذى يأخذ وهذا مفهوم عكس العالم الذى يظن ان الذى يأخذ يكون أكثر سعادة.
آدم لم يكن سعيداً لانه كان وحيداً فأوجد الله له معين نظير لكي يبذل من أجل هذا المعين النظير فيكون أكثر سعادة… وهذه هى فكرة الزواج أن يبذل الإنسان نفسه من أجل آخر.
كل أحداث ربنا يسوع المسيح على الأرض تعبر عن البذل “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به”
مفهوم البذل تعبير عن النضج الروحى … فالذى يبذل أكثر هو الأكثر نضجاُ.
فهؤلاء الأربعة أصدقاء المفلوج قدموا صورة من البذل مع الأصرار على تقديم صديقهم للمسيح , فهذا الأصرار جعلهم مفكرون مبدعون
.
– ما الذى يمنعنا من البذل ؟
1- الإنسان الذى يحب الراحة أو الكسل أو الحياة السهلة
هذه الحياة السلهة تجعل الإنسان لا يتمتع بحياته، فنسبة الأنتحار فى البلاد المترفهه أكثر من البلاد الاخرى.
2- الإنسان محب الكرامة و الافضلية والمراكز الاولى.
“مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة”، هناك انسان حساس هذا الإنسان لا يعرف أن يتعب أو يخدم.
نتذكر القديسين الذين تعبوا من أجل المسيح مثل ق. مارمرقس دخل مصر معتمداً على إيمانه فسار على قدميه إلى الإسكندرية، محبة الكرامة تقف حاجز أمام الإنسان أن يعطى أو يقدم خدمة أو يشترك مع الآخرين
3- محبة الذات
الشخص المعتد بذاته، العنيد، غير معترف باخطاءه. الذى لم يبذل لم يعرف الحب بعد.
السيد المسيح قال من يريد أن يتبعنى ينكر ذاته ليستطيع أن يحمل صليبه.
.
– كيف نعيش حياة البذل ؟
علم نفسك أن تترك شيئاً من أجل الله.
فضيلة رد الكل إلى الله، منه كل الأشياء وبه كل الأشياء ولا فضل لك، الإنسان يرد كل ما يملك إلى الله صانع الخيرات الذى يعطيه كل شئ، علم أولادك أن يتركوا من اجل الله. وليس المقصود العطاء المادى فقط بل الروح العطاء فى ذاته.
أمثله:
1- الله طلب من ابراهيم أن يترك أرضه وعشيرته … ليختبر إيمانه هل هو متمسك بالأرض أكثر من الله فعندما ترك باركه الله .
2- الآباء الرسل “قد تركنا كل شئ وتبعناك” .. لازم يترك شئ ليكون جدير بهذه التبعية.
3- متى العشار ترك كل شئ وتبع السيد المسيح عندما قال له أتبعنى.
4- بولس الرسول .. من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح.
5- الأرملة والفلسين .. أعطت كل شئ أعطت كل معيشتها.
6- الطفل الذى قدم الخمس خبزات والسمكتن.. حلت عليهم بركة الله فاشبعوا خمس آلاف من الرجال ماعدا النساء والأولاد.
7- أرملة صرفة صيدا قدمت بإيمان ما تملك من دقيق وزيت.
8- الشهداء قدموا حياتهم ودمائهم .. فصاروا صورة حية جميلة للكنيسة… فتضعهم الكنيسة فى أعلى مرتبة.
9- الأربعة أصدقاء المفلوج كانوا صورة رائعة للبذل.
الإنسان الذى يبذل يجب أن يترك شيئاً. “وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ، قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً” (2بط1:5)
أسال نفسك كل يوم ماذا قدمت (بذلت) من أجل المسيح؟ هل جهد أم وقت أم صحة مال أم خدمة أم فكر أم تعب أم افتقاد أم عمل خيرى أم ….؟؟
مسيحيتنا تعلمنا أن نعيش هذا المفهوم مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ .. الإنسان المسيحى تصير مسيحيته بعطائه كل ما تقدم أكثر كل ما تصير مسيحياً أكثر .. عكس فلسفة العالم التى تقوم على الأخذ.