يتحدث إنجيل هٰذا الأحد من (لوقا ١١: ٢٧-٣٦) عن إجابة “السيد المسيح” لامرأة رفعتْ صوتها، فيما كان هو يتكلم ويعلِّم الجموع، تطوِّب البطن الذي حمل به؛ أما السيد المسيح، فقال لها: “«بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه».” (٢٨). وهنا يوجِّه السيد المسيح أذهان البشر إلى سر السعادة في الحياة، من خلال تعليمه أن التطويب الحقيقيّ من الله يكون لهؤلاء الذين يسمعون كلامه ويحفظونه أيْ يعملون به. فكلمة “طوبى” تعني “يا لَسعادة!”، وهٰكذا ترتبِط السعادة بشرط سماع كلمة الله والعمل بها.
أيضـًا سماع كلمة الله والعمل بها هي سر ثبات حياة الإنسان أمام التجارِب؛ فقد أوضح لنا السيد المسيح أن حياة الإنسان المؤسَّسة على الصخر التي تثبت أمام عواصف هذا العالم وسُيوله دون أن تتأثر، يكمُن سرها في العمل بكلمة الله، عندما قال في نهاية العظة على الجبل: “كل من يأتي إليَّ ويسمع كلامي ويعمل به أُريكم من يُشبه: يُشبه إنسانًا بنى بيتًا، وحفر وعمَّق ووضع الأساس على الصخر، فلَما حدث سَيل، صدم النهر ذٰلك البيت، فلم يقدِر أن يُزعزعه، لأنه كان مؤسَّسًا على الصخر.” (لوقا ٦: ٤٧-٤٨). وفي المقابل، من لا يعمل يَهدِم بيته أيْ حياته، سريعـًا، لأنها حينئذ تكون مؤسَّسة على الرمال.
وحِفظ وصية الله والعمل بها هما دليل محبة الإنسان لله، فيقول السيد المسيح: “«إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي …” (يوحنا ١٤: ١٥)، وأيضًا: “«إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويُحبه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً. الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي …” (يوحنا ١٤: ٢٣-٢٤). ونجد أن “القديس يوحنا” يؤكد في رسائله أن من يحب الله يحفظ وصاياه: “فإن هٰذه هي محبة الله: أن نحفظ وصاياه.” (١ يوحنا ٥: ٣). وهٰكذا تكون لنا المحبة الحقيقية لله عندما نعمل بوصاياه، التي تتلخص في وصيتين عظميتين:
تحب الرب إلٰهك من كل قلبك وفكرك وقدرتك، وتحب قريبك كنفسك.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ