حوار مع نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي في مجلة “الأهرام العربي”
حوار أجرته ــ ميرفت فهد – تصوير ـ محمود شعبان
– أدعو المصريين لاختيار رئيس يناسب مصر
– وعى الشعب المصرى وحنكة القيادة السياسية أنقذا البلد من الضياع
– الرئيس عبد الفتاح السيسى لا يفرّق بين مصرى ومصرى
– مصر ليست فقط قلب الوطن العربى بل قلب العالم كله
– أطالب كل المصريين بالإيجابية.. فالسلبية خطر علينا جميعا
فى تاريخ الأمم أيام وأحداث فاصلة، تشكل مسار المستقبل، مستقبل تسعى إليه الأجيال المقبلة، وهى تحتاج إلى من ينير لها الطريق ويأخذ بأيديها ليفتح لها أبواب الأمل
مصر الآن تكتب صفحة جديدة من صفحات تاريخها الطويل بإجراء الانتخابات الرئاسية 2018، لتستكمل حلقة من حلقات مسيرتها الديمقراطية، ومصر مليئة بالقادة الملهمين الذين يشكلون القاطرة لنفوس لا تعرف اليأس، ولا تكل من العمل، بل هى النبراس الذى يهتدى به الآخرون للعبور إلى بر الأمان.
الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، واحد من هؤلاء الذين يمتلكون طاقة إيجابية جبارة، تشعر معه بأنه لا يوجد مستحيل فى هذه الحياة، وأن الغد أكثر إشراقا، وأن مصر مقبلة على عصر تكون فيه قوة حية فى الإقليم العربى والعالم.
فى هذا الحوار يطوف بنا الأنبا إرميا، الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، فى جوانب مختلفة من تاريخ مصر وروحها وعلاقته بالبابا شنودة الثالث، والفترة التى تم فيها تأسيس المركز الثقافى القبطى، للحفاظ على الإرث الثرى ثقافيا وتاريخيا للأقباط، وإتاحته للباحثين والدارسين ولا ينسى فى هذا الحوار أن يتحدث عن الدور المهم للجيش المصرى، ووعى الشعب المصرى فى حالة الاستقرار التى تعيشها مصر حاليا، كما يرى الأنبا إرميا أن إتاحة الثقافة الإيجابية أمر مهم، والبعد عن الثقافة السلبية التى تحبط الشعب وإلى تفاصيل الحوار.
- كيف ترى الأحوال فى مصر فى الوقت الحالي؟
مصر حلوة و “هتفضل” طول عمرها حلوة. مصر أم الدنيا و “هتكون أد” الدنيا. مصر البلد الذى ولدنا به ونعيش فيه وسنموت فيه. نشكر ربنا أن مصر بدأت تسير على طريق الاستقرار بعد فترة عصيبة جدا مرت بها بفضل وعى الشعب وإيمانه بالبلد وحبه له. وبفضل وجود قيادات واعية فى الأزهر يمثله فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وفى الكنيسة يمثلها قداسة البابا تواضروس الثاني، باتحادهما معا فى وجود مؤسسة قوية مثل الجيش واهتمام المصريين جميعا بإعادة بناء بلدهم ومعهم قائد واع على رأس هذا البلد لا يميز بين المسيحى والمسلم. فعندما شرع فى بناء الجامع لم يكتف ولكنه بنى الكنيسة فى العاصمة الإدارية الجديدة، لشعوره الطيب والنبيل ليقود البلد إلى الاستقرار.
- كيف يمكن أن يتحقق الاستقرار لمصر؟
الفترة المقبلة فى تاريخ مصر فترة حساسة جدا جدا، ومحتاجة إيجابية من كل مصري. أطالب كل المصريين أن يكونوا إيجابيين، لأنه دون الإيجابية ودون التفاؤل الإيجابي، لن يتحقق مستقبل مشرق لهذا الوطن ونريد أن يكون فى هذا المستقبل نجاح وسعادة. والإيجابية تشمل أسلوب تفكير الإنسان وسلوكه. كثير من الناس يضعون الظروف عائقا أمامهم فيقفون فى طريق النجاح. إذا فكر الإنسان بإيجابية سيتحول ذلك إلى سلوك إيجابي، لأن هناك دائما ارتباطا بين الفكر والسلوك وساعتها ستكون النتائج إيجابية. الخطر يكمن فى سلبية الفكر، لأن العلم أثبت أن الجماهير تتأثر من خلال التكرار الملح بإقناعهم بخرافات لا علاقة لها بالواقع.
- وكيف يمكن حماية الجماهير؟
يجب أن نفهم ويجب أن نفكر كيف ينظر العالم الخارجى إلينا. كيف يتابع خطواتنا كمصريين. وكيف يعملون حسابا لخطواتنا. وهنا أذكر كلمة رئيس شركة «سيمنز» الألمانية جون كايزر:”إذا استمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بنفس القوة التى يسير عليها، سيعيد لمصر مجدها المفقود من 3 آلاف سنة”. كل الخطر الذى يمكن أن يوقع بمصر ويوقع بنا جميعا يكمن فى السلبية. شخص يقف يشاهد دون أن يشارك. سنكون مثل الجندى الذى يهرب من المعركة فى الوقت الذى يحتاجه بلده فيه. وأنا أعلم أن المصريين من المستحيل أن يهربوا من المعركة، لأن من طبيعة المصريين انتماءهم وحبهم لبلدهم. والتاريخ خير شاهد على ذلك.
- كيف؟
صفحات التاريخ مليئة بدور المصرى فى الشدائد. المتنيح القديس البابا كيرلس السادس فى مقابلة له مع الرئيس جمال عبد الناصر، وكان الاثنان أقوى الموجودين فى فترة الستينيات لدرجة أنه فى أعقاب النكسة، عقبت إسرائيل وقالت :”عبد الناصر معاه كيرلس السادس وإحنا معانا الأسطول السادس”، قال إنه يريد أن يعلم شعبه 3 أشياء: معرفة الله وحب الوطن والإخوة الحقة حتى يشب أبناء الوطن فى وحدة قوية لديهم الإيمان بالله والوطن. وبالتالي، إذا كان لدى أولادنا الإيمان بالله والوطن وحب الوطن، أكيد سيعرفون الخطر الذى يحيق به ويبدأون فى الدفاع عنه.
- إذن ونحن على بعد ساعات من الانتخابات الرئاسية، ماذا تقول للمصريين؟
أنا أثق أن الشعب المصرى واع. وتجده فى الأزمات والشدائد. وهم يعلمون كشعب مصرى أنهم ينتخبون رئيسا لمصر وليس انتخاب شخص بعينه. نزولهم الانتخابات هو تعبير واضح عن إدراكهم لمدى المسئولية الموضوعة على كتفهم. يجب أن يلتفت الشعب إلى حقيقة، أن العالم ينظر إلى مصر الآن وينتظر إفشال العملية الديمقراطية الانتخابية. لكن بوعى الشعب كل ذلك سيكون للخير. وكما وقف قبل ذلك فى مواقف كثيرة خلف الرئيس فى 1956، 1967، 1973، 2011، 2014 وأيضا فى 30/6 و 3/7 و 26/7 أى أن الشعب يعى ويعلم مفرداته وإلى أين يذهب. لذلك لا أخاف على الشعب المصري. الشعب المصرى إيجابى وليس سلبيا. ويعلم متى يكون الخطر الذى يحيط به. أنا متأكد أنهم كمصريين سيعبرون ببلادهم.
- كيف ترى الحرب على الإرهاب؟
البلد فى حالة حرب فى الوقت الحالي. والناس لا يشعرون بوجود الحرب. لكن لدينا بالفعل حرب فى سيناء من أجل تطهيرها. أعتقد أن كل المصريين فاهمون ومدركون أن مصر محاطة من كل الاتجاهات بالمتربصين بها. لأن مصر ليست فقط قلب الوطن العربى ولكن قلب العالم. وهى ملجأ الأنبياء فى الماضى وأمانهم. والآن، تتجه أنظار العالم إليها باعتبار أن السيطرة على مصر هى السيطرة على العالم.
ربنا يقوى الجيش والشرطة وينتصرون بمشيئة الله.
- باعتبار نيافتك مساعد أمين عام بيت العائلة المصرية، ماذا عن الحوار الإسلامى المسيحي؟
من مصلحة بيت العائلة المصرية تغيير الثقافة الموجودة، وتوصيل الناس إلى الحب والتعامل معا وإظهار القواسم المشتركة الموجودة. من أجل ذلك، نسعى من خلال فروع بيت العائلة ومن خلال اللجنة التنفيذية تقديم هذا الفكر لكل مصر وتصديره لكل العالم. نشكر ربنا أن بيت العائلة المصرية كسب جائزة الإمام الحسن بن على الدولية. وأرسل فضيلة الإمام الدكتور الطيب الأمين العام الأستاذ الدكتور حمدى زقزوق مستشار فضيلة الإمام ووزير الأوقاف الأسبق، وذهبت معه باعتبارى الأمين العام المساعد وتسلمنا الجائزة فى أبوظبي. وأهدينا هذه الجائزة إلى بيت العائلة المصرية لكى تساعد فى تمويل أنشطته التى تقدم مجانا. كما أن كل العاملين فيه يعملون ولا يتقاضون أجرا من أجل خدمة البلد.
- كيف ترى زيارة الأمير محمد بن سلمان ولى عهد السعودية إلى الكاتدرائية وقداسة البابا تواضروس الثاني؟
هى رؤية جديدة واعية ومستقبل جديد للسعودية والشرق الأوسط. طبعا قداسة البابا تواضروس الثانى استقبله بكل حفاوة. وكان الاستقبال جيدا نقلته كل وسائل الإعلام. وبالطبع هى المرة الأولى أن يزور ولى عهد السعودية الكاتدرائية. وهى خطوة إن شاء الله رائعة على مدار خطوات ثابتة.
- كيف ترى الإعلام فى الوقت الحالي؟
الإعلام هو الفكر الذى أريد توصيله وأغزو به البيوت والشعب والشباب من خلال كل وسائل الإعلام المختلفة. فلو أن الفكر يتم بثه من أجل انتماء الوطن واتحاده، انتصر الشعب. ولكن إذا كان الفكر من أجل التفرقة والهدم، انكسر الشعب. وهذا يعود إلى الشخصية الإعلامية والهدف من وراء هذا الإعلام. ممكن أن يكون إعلاما موجها ويمكن أن يكون إعلاما صادقا. ما أطالب به هو أن يراعى كل إعلامى ربنا فى عمله. ويراعى أمانته فى وطنه. وأن يراعى الشعب فيما يسمعه وأمانته لوطنه أيضا ولا يجرون وراء الأشياء التى قد تكون كاذبة أو شائعات مغرضة. هناك أناس مؤمنون بالبلد وقضيتها ومخلصون لها. وهناك أناس لهم غرض معين. الناس بطبعها تحب السلبيات. لكن لو تركنا السلبيات وتمسكنا بالإيجابيات، أعتقد أننا ننهض ببلدنا وشعبنا. والشعب يحتاج إلى من يقوده، حتى يستطيع أن يكمل وليس الذى يفرقه حتى يقع.
- ما معنى كلمة أسقف وأسقفية؟
أسقف أى ناظر من أعلي. والأسقف هو أب راع يهتم برعيته. يهتم بشعبه. يقوم بسيامة الآباء وينظم الأمور بينهم ويتواصل بينهم وبين الشعب والرعية. ويتواصل بينهم وبين المحافظة والمركز الذى تقع فيه الأسقفية. يتقدم بطلب بناء أو ترميم الكنائس. يحاول عن طريق علاقاته الجيدة بإخوته المسلمين حل أية مشاكل موجودة. ويكون أى أسقف عضوا فى المجمع المقدس للكنيسة الذى يرأسه حاليا قداسة البابا تواضروس الثانى أطال الله عمره. والأسقفية هى المكان الذى يعيش فيه الأسقف ويدير منه أمور الكنيسة.
- كيف سلكت طريق الرهبنة؟
عموما أى راهب يفكر فى الرهبنة، يكون قد أحب الله أكثر من العالم. وهو ما يدفعه إلى أن يسلك طريق الرهبنة. العالم يصبح صغيرا فى عين هذا الشخص. ويصبح الله كل شىء فى حياته. يترك كل شىء بسهولة جدا وينطلق إلى الصحراء. يصبح قلبه ملتهباً بمحبة الله. بالنسبة له، الله كل شىء. ينسى الكل للارتباط بالواحد. هى محبة تزداد، بالإضافة إلى كونها اشتياقات قلب. كلما يزداد النمو، ينطلق الشخص بصورة أسرع.
- بعد الرهبنة هل فكرت فى أن تصبح أسقفا؟
بصراحة، ترهبنت فى دير «مارمينا» العامر بصحراء مريوط. وكان رئيس الدير فى ذلك الوقت هو الأنبا مينا آفا مينا نيح الله روحه. وكان لا يوجد فى الدير رهبان ينالون درجة الكهنوت. وبالتالى لا يخرجون للخدمة خارج الدير. من أجل ذلك، ذهبت إلى دير مارمينا، لأنه لم يكن فى “دماغي” الخروج إلى الخدمة نهائيا. وكنت ” عامل حسابي” إنى داخل الدير ولن أعود مرة أخري. طبعا ربنا له طرق وسكك أخري. والذى يأمر به ربنا سنعمله.
- ما معنى اسم نيافتك “إرميا”؟
إرميا هو اسمى فى الرهبنة وفى الأسقفية. ومعناه الرب يؤسس أو الرب يقيم. وهو عبري. وباللغة الإنجليزية Jeremiah و باللغة القبطية إرمياس.
- كيف تم التفكير فى إنشاء المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسي؟
هى قصة طويلة. ولكن وفى كلمة وجيزة هى كانت فكرة فى قلب قداسة البابا شنودة الثالث. وتحولت الفكرة إلى حلم وتحقق هذا الحلم. وتم افتتاح هذا المركز فى 14/ 11/ 2008. ونحتفل هذا العام بالعيد العاشر لافتتاح المركز. ونشكر ربنا أنه أعطانا بطريركا راعيا للثقافة هو البابا تواضروس الثانى الذى يكمل الفكرة نفسها والحلم نفسه امتداد للبابا شنودة الثالث وهى أن الثقافة لخدمة أولادنا وخدمة مصر.
- ما الهدف من المركز؟
بالطبع هناك أهداف من إنشاء المركز. منها الحفاظ على الإرث القبطى الثرى من ثقافة وتاريخ، وإتاحته للباحثين فى العالم وفى جميع أنحاء العالم. توثيق كل ما يتعلق بالأديرة والآثار القبطية القديمة المهمة لتاريخ مصر. زيادة التبادل الثقافى والتعليمى مع المؤسسات الأخري. دعم سبب تماسك وتناغم الحركة المسكونية مع تقاليد ومعتقدات الكنيسة الأرثوذكسية القبطية. مد جسور التفاهم بين الكنيسة والمجتمع المصري. تقديم المساعدة للفقراء والمرضى والمعاقين والمحتاجين.
- من وجهة نظرك ما الثقافة القبطية؟
كلمة كبيرة جدا. لكن وفى كلمة وجيزة الأقباط أو القبطى جاءت من “إيجبتوس” وإيجيبت. وهى مشتقات الكلمة. فى بداية دخول الإسلام مصر، كان يطلق على شعبها قبط مصر وليس أقباطا لأن العدد كان كبيرا جدا. والآن يطلق عليهم أقباط، لأن العدد أصبح قليلا. وجود ثقافة قبطية كجزء من التاريخ المصري، جزء لا يتجزأ من الحضارة الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية. هناك كثير من الجوامع بناها مهندسون مسيحيون. وقد تأثروا بالفن القبطى فى بناء الجوامع. هناك دائما تداخل فى الفنون وفى الحضارات.
- هل ما زال المصريون متأثرين بالثقافة القبطية؟
أكيد. العادات الموجودة هى عادات مصرية صرفا منذ أيام الفراعنة مثل طريقة الدفن و الثالث للمتوفى وتجمعات الأعياد والمناسبات، لأننى لا أريد أن أطلق عليها الموالد.
- هل المسيحى المصرى متأثر بهذه الثقافة؟
سمات المصرى وجيناته – صفاته الوراثية – واحدة على مستوى مصر. لا يمكن معرفة المسيحى والمسلم إلا وقت الصلاة فى الكنيسة أو الجامع. وقتها يتم الفرز. بدليل أن الناس يتعايشون معا ويتعاملون مع بعضهم بعضاً. الجارة قد ترسل لجارتها طبقا من طبختها أو طبق كعك فى العيد. هناك نوع من التلاحم واللحمة الشعبية. من الصعب التمييز بين أبناء الشعب الواحد.
- كنت سكرتيرا خاصا لقداسة البابا شنودة منذ عام 1995 وحتى نياحته. ماذا يمكن أن تقول عنه؟
البابا شنودة الثالث كان يحب مصر. وله مقولته المشهورة : “مصر ليست وطن نعيش فيه و لكن وطن يعيش فينا”. وكان يحمل مصر فى قلبه أثناء سفره فى الخارج. كان دائما يتكلم عنها بكل خير. وكان يعلم أولاده أن يفعلوا ذلك. وأن يكون لهم انتماء للبلد وأن يحبوا مصر. وكان من أجمل الفترات التى كان يتحدث عنها وتشعر ذكرياته الجميلة خلالها فى الفترة التى كان فيها ضابطا فى الجيش.
- ماذا كان يقول عنها؟
فى أيام البابا شنودة الثالث، كان طلبة الجامعة معفيين من التجنيد. وكان من الممكن دفع بدل نقدى لمن يريد الإعفاء من الجيش. لكنه تطوع وهو لا يزال طالبا فى الجامعة. وقضى 3 سنوات فى التدريب العسكرى اليومى فى منطقة سيدى بشر أولا ثم فى المندرة بالإسكندرية. وكان فى الجيش الأول بين الخريجين فى مدرسة المشاة. فى الجيش تعلم قداسة البابا شنودة الثالث فضائل كثيرة.
أولها النظام و الجدية والتدقيق والنشاط والاعتماد على الذات. كانت تلك الفترة مفيدة جدا من الناحيتين النفسية والجسدية. فقد كانت هناك تدريبات رياضية وعملية تستلزم الصبر والجلد إضافة إلى الطاعة والانضباط. وكان يذكر أنه كان مسئولا عن وجبات الطعام فى شهر رمضان. فكان يبذل اهتماما كبيرا بطعام السحور والإفطار. وكان الطلبة يرشحونه دائما لذلك.
- هل هناك ذكريات خاصة بحكم قربك له؟
عندما دخل الجيش، كان يسير بخطوة منتظمة. وظل متأثرا بالخطوة المنتظمة فى حياته فيما بعد، لدرجة أنه لو أن شخصاً يسير بجواره يجب أن يحاول أن يضبط خطواته معه. وفى أحيان كثيرة، كان البابا يتأثر بخطوات من يواكبه السير، فكان يغير خطوته. وقد يتعثر فى السير ومن معه. وهنا يقولون “يبعكك الخطوة”.
- ماذا تعلمت منه؟
كان مدرسة للذى كان يريد أن يتعلم منها. كان حوله كثيرون لكنهم لم يستطيعوا أن يتعلموا منه شيئا. كان مدرسة فى الوعظ والكتابة والتعامل مع الناس والدولة والسفراء والبروتوكول.
كان أهم شىء فى حياته الشعب “ينام ويصحى على الشعب”. حتى فى آخر 10- 15 يوم فى حياته، كان يصمم على النزول للمحاضرة الأسبوعية. كان يتأوه من المرض. لكن كان مصمما على إلقاء كلمة حتى لو صغيرة مدتها 10-15 دقيقة بسبب إحساسه بالمسئولية تجاه هذا الشعب. كان شخصية عجيبة. كان يخصص يوما أسبوعيا فى القاهرة ويومين فى الإسكندرية من أجل الفقراء أو ما يطلق عليهم ” أخوة الرب”. كان يجلس بنفسه يستمع إليهم وينظر فى مشاكلهم ويقضى طلباتهم. كان قلبا عطوفا ورحوماً. وكما كان يعطي، كان ربنا يعطيه أكثر. لذلك ربنا كرمه.