ضمن سلسلة اصدارات المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي
صدر كتاب: اللغة القبطية أهميتها … نشأتها … تاريخها….
تقديم
نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي
إعداد
أ. د. إسحق إبراهيم عجبان
الأمين العام لمعهد الدراسات القبطية، ووكيل قسم التاريخ بالمعهد
سبتمبر 2010 م
مقـــدمــــــــة
في الحقيقة إن بلادنا مصر تحتاج لكلمات تبني، وليست في حاجة لكلمات تهدم، تحتاج لكلمات للبنيان، كلمات تساعد على بناء الإنسان المصري وشخصيته وثقافته.
نحتاج لكلمات تبني جسور المحبة، وتمد جسور التواصل الثقافي والاجتماعي والفكري والوطني، وكما قال قداسة البابا شنوده الثالث: ” مصر وطن يعيش فينا وليست وطن نعيش فيه “.
وقد كلَّفنا الأستاذ الدكتور/ إسحق إبراهيم عجبان ـ الأمين العام لمعهد الدراسات القبطية، ووكيل قسم التاريخ بالمعهد ـ بإعداد بحث للنشر عن اللغة القبطية: أهميتها .. نشأتها .. تاريخها، وكذلك إعداد حلقتين عن اللغة القبطية في برنامج نبض الكنيسة. رداً على ما كتبه د. يوسف زيدان في جريدة المصري اليوم بتاريخ 4 / 8 / 2010م، العدد ( 2243 السنة 7 ) مقال بعنوان: ” العربية والقبطية في البرديات المصرية “، وكتب فيه: ” ليس هناك فى واقع الأمر شيء اسمه اللغة القبطية وإنما هى خرافة تكرَّرت في السنوات الأخيرة على مسامع المساكين، حتى ظن هؤلاء أن هناك حقاً ما يُسمَّى باللغة القبطية، وفي القرن الثالث قبل الميلاد تطوَّرت هذه الطريقة ( الديموطيقية ) وصارت تُسمَّى اعتباطاً ( القبطية ) وهى تسمية لا دلالة لها، لأن قبطية تعني مصرية، وهذه كلها خطوط مصرية ( قبطية ). إن هذه اللغة أو بالأحرى طريقة الكتابة ظهرت قبل ظهور المسيحية بثلاثة قرون من الزمان، ولكن كثيرين مِنَّا اليوم، نحن المصريين يعتقدون أن هذه ( القبطية ) هى لغة الكنيسة، ويقوم بعضهم بأمر مضحك، وهو التكلُّم بها فى بيوتهم، ظناً بأنهم ما داموا مؤمنين ” الإيمان القويم ” فإن الواجب عليهم أن يتكلَّموا هذه اللغة المزعومة! وقد خدعهم بعض رجال الدين، وشجَّعوهم على هذا الفعل، وكتموا عنهم أنها لغة لا ارتباط لها بالدين، وهى فى حقيقة الأمر ـ وبحسب مصطلحاتهم ـ لغة وثنية بدأت قبل ابتداء ( الديانة ) بزمن طويل … ولو أراد هؤلاء ( المتدينون الجُدُد ) أن يستعملوا لغة دينية مسيحية، فعليهم التكلُّم فيما بينهم باللغة الآرامية ( السريانية القديمة ) لأنها اللغة التى تحدَّث بها السيد المسيح، والآرامية ( السريانية ) لغة، واليونانية لغة، والعربية لغة، هذه القبطية المزعومة، فهى ليست لغة أصلاً، وإنما هى طريقة فى الكتابة لجأ إليها المصريون ( الوثنيون ) بعد الاحتلال اليوناني لمصر، واستقرار الحكم البطلمى فيها وهى كنظام كتابة ( ملفق ) يضم أربعة وعشرين حرفاً يونانياً، وسبعة أحرف مصرية قديمة … وفى منتصف القرن الخامس الميلادى غضب رجال الكنيسة فى مصر على كنيسة اليونان ( الملكانيين / الروم الأرثوذكس ) فقرَّروا أن يستعملوا فى الصلوات وكتابة الأدعية الدينية اللغة القبطية ! فتأكد فى نفوس الناس الوهم القائل: إن هذه المسماة ( اللغة القبطية ) هى لغة دينية ومع تكرار الوهم على الأسماع ظن الناس أن الوهم حقيقة “. فاستخدم الدكتور كلمات مثل: خرافة، وهم، فرعون، … الخ.
أخي القارئ: إذ نشكر الدكتور إسحق إبراهيم عجبان على هذا البحث القيِّم تدرج فيه من أهمية اللغة القبطية، وكيفية تحولها من الديموطيقية إلى القبطية، ونشأتها، وعوامل إنتشارها، وعلاقتها باللغات الأخرى، ولهجاتها، وأدابها، وإستخدامها في ترجمة الكتاب المقدس، الأديرة القبطية، سِيَر القديسين، وكيف استعان بها العالِم شامبليون في فك رموز اللغة المصرية القديمة، واللغة القبطية في العصر الحديث، وكيف اهتمَّ قداسة البابا شنوده الثالث للحفاظ على هذه اللغة.
إنه بحث قيِّم مفيد، أوجز فيه الدكتور/ إسحق إبراهيم عجبان الرد الوافي على ما نُشِرَ. ونطلب من الرب أن يعوِّضه على مجهوده الطيب، وأن يُنفِّعنا الرب من هذا الكتاب لمجد اسمه القدوس،
بصلوات صاحب الغبطة والقداسة البابا المُعظَّم الأنبا شنوده الثالث، آدام اللَّه حياته سنين عديدة وأزمنة سلامية مديدة.