“طبيعة خدمة الآباء الرسل” نص محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني بكنيسة التجلي بالمقر البابوي الجديد بدير الأنبا بيشوي العامر بوادي النطرون الاربعاء ١٥ يونيه ٢٠١٦ م
من انجيل مارمرقس الأصحاح الأول عدد 15 “قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ”. وايضا من انجيل مارمرقس الأصحاح الأخير عدد 15 أيضا: وَقَالَ لَهُمُ:”اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. وفى العهد القديم سفر أخبار الأيام الثانى اصحاح 16 عدد 9: “لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ”
عايز أتكلم النهاردة عن طبيعة عمل الآباء الرسل وخدمة هولاء ماذا كان يقف ورائها .. الأمر الأساسى أن التلاميذ والرسل كانوا أصحاب مبادئ تعلموها من شخص ربنا يسوع المسيح أثناء خدمته .. خدمة ثلاثة سنوات وشوية أولها خدمة الجهارية وأحداث الصليب والقيامة والصعود وابتدوا يشيلوا المسئولية لكن حملهم لهذه المسئولية قائم على ثلاثة مبادئ رئيسية:
١- توبوا وآمنوا بالانجيل (هذه بفم المسيح وبصيغة جماعية) يعنى شجعوا بعض على التوبة وهذه التوبة نابعة من الانجيل ، لذلك يصير الانجيل هو عمل الإنسان الخادم وتلميذ يسوع فى كل وقت ، القديس بولس الرسول قال أن الانجيل قوة الله للخلاص وأن الكلمة المقدسة هى قوة الله للخلاص ولما نعيش الحياة الانجيلية بكل عمقها ، الإنسان يعرف يتوب وإزاى الانجيل اعتماده الأول والأخير والقلب بلا توبة بلا نتيجة، والقديس يوحنا ذهبى الفم قال عن القلب الذى بلا توبة: علة جميع الشرور عدم معرفه الكتب المقدسة وكان عمل الرسل هو تقديم الانجيل. فى الهند والصين لما أتوا ليبشروا ويقدموا المسيح ، قدموه كصاحب المبادئ والأخلاق والاجتماعى ولم يقدموه كمخلص ، صلب من أجل كل إنسان وقدم الفداء لكل أحد.
٢- اذهبوا واكرزوا: المسيحية تحتاج أن يكون الإنسان به حركة يعنى فيه تعب وهدف وخطة وصورة عايز توصلها. وهذه ليست فى إتجاه واحد لكن فى كل الإتجاهات وده شفناه لما مارمرقس جه عندنا وبولس الرسول لروما واندراوس الرسول فى إرمينيا وهكذا .. “اذهبوا” .. يعنى امتدوا .. بناء على ذلك جاء ما يسمى بالافتقاد (ابحث عن كل إنسان) هكذا احب الله العالم حتى بذل نفسه من اجل العالم ليس ذهاب من أجل المجاملة لكن اكرزوا .. كلمة انجيل معناها بشارة مفرحة وهنا ذهبوا وكرزوا بالفرح بمعنى انه الخادم ناقل للفرح واحد معايير قياس خدمتنا قياس النفوس المكرسة على كل مستوى إنها تكون مفرحة وكان العامل الرئيسي للرسل والتلاميذ ينقلون روح الفرح والفرح ده فرح بخلاص المسيح.
٣- عينى الرب تجولان فى كل الأرض: مازال الرب يبحث عن القلوب الكاملة ممكن يكون خادم صغير جدا وغير مرئي لكن عينى الرب تنظر إلى قلبه الكامل ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه (عمل الله الشديد مع الإمكانيات القليلة جدا) الآباء الرسل قدموا إيه ؟!
١- المحبة بكل صورها: ليست بالزى بل بالممارسة ، ليست بالكلام بل بالفعل لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق (محبة الكلام فى المسيحية لا تجنى ثمر) يبدأ الإنسان خدمته فى عمله فى الأسرة فى المجتمع ينمو فى الحب إلى أن يصل إلى إتساع القلب ملاك كنيسة أفسس :- عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى (لن تنمو فى المحبة وتركت الأولى)
٢- شهود أصحاء (من الصحة الروحية): يعنى كل واحد نموذج من القدوة لا يوجد عندهم أدنى اختلاف بين القول والفعل (واحد يخدم فى مكان صغير ولا يأتى بثمر لأن مفيش إتحاد بين القول والفعل ، وواحد يخدم فترة قصيرة وتلاقى ثمار كبيرة قوى) هل أنا شاهد للمسيح ؟ المسيح قال تكونون لى شهود ، لذلك هؤلاء التلاميذ فى حالة تواصل وليست فى حالة تواجد فقط.
٣- معلمين أقوياء مش اللى بيقول درس ، لكن اللى عنده رؤية وهدف وخطة وفكرة فى ذهنه عندما تتضح الرؤية ينضبط السلوك .. فى يوم من الأيام زكا كان تايه فى شغله وفى فلوسه لكن لما قابل المسيح اتضحت الرؤية عنده فإنضبط السلوك وتبع المسيح .. أحد أهداف عملنا هو أن تتضح الرؤية يحتاج الإنسان على الدوام إلى تجديد الذهن والرؤية.
الثلاثة مبادئ مع اللى قدموه الرسل يرسموا قدامنا صورة آبائنا وتأسيس الكنيسة الأولى فى يوم الخمسين وبنحتفل به يوم الأحد القادم فى عيد حلول الروح القدس. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن والى الأبد آمين.