تعيش مصر منذ عامين وأكثر حالة صحوة فريدة في تاريخها القديم ـ الحديث والمعاصر, والمطالع لهذه الحالة يري فيها دروسا عديدة أذكر لكم خمسة منها:
1- حيوية وطن: فالشعوب والاوطان لاتنام علي ظلم ولاتصمت علي ذل مهما طال الزمن بل تحلم وتتحدي وتحقق ما تصبو اليه. ما رأيناه في شعب يقوم بثورتين خلال أقل من ثلاثين شهرا بحيوية شعبية غير مسبوقة لتحقيق حلم المصرين ببناء مصر الحديثة انما ليس له توصيف إلا حيوية المصريين المبدعة. 2- خصوصية مصر: في عالم اليوم نظريات وافكار وأهداف ومنافع ومصالح تربط علاقات الدول, بعضها إيجابي وبعضها سلبي وتخضع في مجموعها لمبادئ ونظريات مكتوبه وتدرس في جامعات العالم والمعاهد المتخصصة في النواحي الدولية والعلاقات السياسية ولكن لمصر خصوصية فريدة لأنها تحت عناية خاصة من الله الذي حباها بالبركة الصريحة مبارك شعبي مصر( اش19:25) وبالتالي فهي تخضع للقوانين الإلهية قبل أن تنطبق عليها القوانين الأرضية. يد الله فقط هي التي تضبط حياة مصر التي عاش علي ارضها السيد المسيح والعذراء مريم وحياة المصريين مهما واجهوا من صعوبات أو ضيقات. 3- أمانة كنيسة: الكنيسة القبطية وطنية حتي النخاع وحملت عبر تاريخها صفات عديدة جدا, فهي مثلا كنيسة الشهداء حتي اننا نقول عنها في تسبيحنا ام الشهيد جميلة, أم الشرفاء نبيلة وارتوت ارض بلادنا بدم غال لشهداء الايمان والعفاف عبر تاريخ طويل حتي اليوم وتحملت الكثير والكثير.. في الاسابيع القليلة الماضية تعرضت نحو مائة كنيسة وموقع مسيحي علي ارض مصر إلي حرق ونهب وتدمير وإحتلال وتعرضت ألف من منازل ومحال الاقباط إلي السرقة والاغتصاب والحرق والاعتداء والطرد.. انظروا معي كيف وقف نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا مع شعبه في كنيسة الامير تادرس التي تم حرقها بصورة بشعة لكي يصلوا القداس الإلهي ويدعو إلي نشر المحبة بين الناس وضبط الغضب حفاظا علي مصرنا وكنيستنا الأمينة.. هذا هو لسان حال الاقباط وأمانة كنيستهم في كل مكان وكل زمان… 4- سخافة شائعات انتشار الأمية المخيفة في بلادنا وبعض وسائل الاعلام المدمرة لعقول الناس, تنتشر الشائعات والادعاءات المغرضة والخبيثة التي تهدف إلي إضعاف روح الوحدة الوطنية وتفتيت محبتهم التي تربط المصريين معا مثلا: – شائعة الكنائس بها أسلحة حتي إن مرشحا سابقا لرئاسة الجمهورية كان يروج الشائعة, ورغم ما تعرضت له الكنائس الآمنة من الاعتداء الوحشي وغير الإنساني بالمرة لم نسمع عن قبطي واحد يستخدم سلاحا.. اين هذه الاسلحة؟.. شائعة وكلام فاضي ظهرت حقيقته خلال الأحداث. – شائعة الاقباط يستقوون بالخارج ورغم ماتعرض له الاقباط من ترويع وتخويف واغتصاب وخطف.. لم نستقو بأحد الا اخوتنا المصريين في الوطن في حين نري الآخرين يستقوون بالدول الخارجية لكي تنقلب علي وطننا العزيز.. وما أبشعها خيانة. 5- تفاؤل شعب: شعب مصر شعب مبهر بالحقيقة, بكل اركانه القوية من جيش وشرطة وقضاء وفن وثقافة وازهر وكنيسة لا يقبل العنف والارهاب أو الكذب والنفاق أو المساس بالرموز الدينية وغير الدينية.. علي جدران الكنائس كتبوا عبارات مسيئة جدا ورغم ذلك مسحها الاقباط وكتبوا عليها نحن نغفر كما في احدي الكنائس في اسيوط في26 يوليو, وكان من أيام صوم رمضان, ووقت الافطار دقت اجراس الكنائس مع اوقات الأذان في سيمفونية نادرة في تاريخ البشر. مصر بخير وهي وطن فريد بين أوطان العالم له جذور وأصول وحضارته تشهد بذلك, وله حاضر حي في تفاعلاته ونشاطاته, وله مستقبل مشرق متجدد ومنطلق, وفي كل تاريخه محفوظ في يد علوية تباركه من كل شر.