بعد مرور أكثر من مائة يوم، لا تزال مأساة الآلاف من المسيحيين العراقيين المهجرين من منطقة سهل نينوى مستمرة، فالآلاف منهم ما زالوا يفترشون الخيام في باحات الكنائس وساحات المؤسسات في محافظات الإقليم الثلاث، وبالأخص محافظة أربيل، عاصمة الإقليم التي نزح إليها أكثر من أربعين ألف مسيحي.
ووجه عدد من المسيحيين ، الكنيسة لتوفيرها مكان السكن لهم، معربين عن “دهشتهم من موقف الحكومة العراقية التي لم تحرّك ساكنًا، سوى إرسال بعض المواد الغذائية، مطالبين إياها بالقيام بمسئولياتها القانونية والأخلاقية تجاههم، وتوفير السكن الملائم لهم أسوة ببعض المكوّنات الأخرى الذين أسكنتهم الحكومة في المحافظات الجنوبية العراقية، وتقديم المعونات في مختلف المجالات”.
وقال لؤي جنان جبرائيل، أحد المسيحيين المهجرين،”إن المهجرين المسيحيين تركوا دورهم وممتلكاتهم عند دخول “داعش” إلى مناطقهم التاريخية والسيطرة عليها، والعديد منهم خرجوا بما عليهم من ملابس، أما الذين هُجروا من الموصل، مركز محافظة نينوى، فقد سلبت جميع ممتلكاتهم، من نقود وحلي ذهبية، وأغلبهم سلبت منهم وثائقهم الشخصية”.
وأضاف جبرائيل، الذي يسكن إحدى الخيم في مزار مار إيليا، “لا يوجد أي تقصير من كاهن الكنيسة والقائمين عليها، حيث إن الجميع يحملون لافتات معلّقة على صدورهم مكتوب عليها “نخدم بفرح”. معربًا عن “دهشته من التعتيم الإعلامي الموجود على ما لحق بالمسيحيين العراقيين من مصادرة أملاكهم، وحتى وثائقهم الشخصية”، موضحًا “أن أغلب الفضائيات مقصرة تجاه مآسي المسيحيين، ولا ينقلون للعالم الصورة الحقيقية لمعاناة المسيحيين”.
وأبدى جبرائيل “تخوّفه الكبير من فصل الشتاء، وما يحمله من برودة وأمطار، على الساكنين في الخيم، وبالأخص الأطفال والشيوخ والمرضى والمعاقين”، مطالبًا “بالإسراع بحل مشكلة ومعاناة هؤلاء المهجرين”.
وأكد جبرائيل “أن معاناة المسيحيين في العراق كانت كبيرة، حيث تعرضوا للاضطهاد والقتل والتهجير وتفجير أديرتهم وكنائسهم، واستهداف وقتل رموزهم الدينية، وما زال الاضطهاد قائمًا، ولهذا فقد ترك مئات الآلاف منهم بلدهم الأصلي وهاجروا إلى الخارج”.
وطالب جبرائيل الحكومة العراقية، “بتحمل بمسؤولياتها تجاه المسيحيين العراقيين الأصلاء، كما طالب بفتح دائرة الأحوال المدنية والجنسية في محافظات الإقليم الثلاث، كي يستطيع المسيحيون من إصدار وثائقهم الشخصية المسروقة من عناصر داعش”.
وتساءل “لماذا تقف الحكومة العراقية موقف المتفرج علينا، ونحن الشعب الأصيل الذي بنى حضارة العراق وتاريخنا موغل في القدم؟ ولماذا تتباهى بوجودنا في العراق ويمدحنا أغلب المسئولين بأننا الشعب الأصيل وصاحب الحضارة والتاريخ، بينما لا يمنحون لنا حقوقنا التي كفلها لنا الدستور العراقي؟” مشيرًا إلى “أن ما أرسلته الحكومة العراقية للمسيحيين، وجبة مواد غذائية واحدة، قبل أسبوع، وغير صالحة للاسهلاك البشري وكانت الفئران والحشرات قد عبثت بها”. متسائلًا “لماذا قطعت الحكومة العراقية، الحصّة التموينية عن المسيحيين المهجّرين، بينما كانت تسلّم لهم شهريًا قبل التهجير عن طريق وزارة التجارة، وما تزال الحكومة تسلّمها لغير المهجرين شهريًا؟”